للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكتافهم موضوعة فى كيس من الحرير، أحمر أو أصفر، ويشدون أوساطهم ببنود من قطن بعلبكى مصبوغ، عوض الحوائص، والأقبية البيض أو المشجرة بالأحمر والأزرق الضيقة الأكمام أشبه بملابس الإفرنج، ومن فوق القباء كمران بحلق وإبزيم وصالق بلغارى، يسع أكبره أكثر من نصف ويبة من الغلة، مغروز به منديل، طوله ثلاثة أذرع، وله أخفاف من الجلد الأسود البلغارى، ومن فوق الخف خف آخر، يقال له السقمان.

ولم يزل هذا زيهم إلى سنة ثمانية وأربعين وستمائة، فأدخل المنصور قلاوون فيه بعض تحسين. ولما كان زمن الأشرف خليل صارت الكلوتة من الزركش والقباء من الأطلس، واتّخذت السروج والأكوار المرصعة، وعرفت بالأشرفية.

ولما ملك الناصر محمد بن قلاوون أحدث العمائم الناصرية، وكانت صغيرة وأحدث الأمير يلبغا العمرى الكلوتات الكبيرة، وعرفت باليلبغاوية. وأحدث الأمير سلار القباء الذى عرف بالسلارى، وكان قبل يعرف بالبغلطاق (وهو شبه المضربية).

وفى زمن السلطان برقوق عملت الكلوتات الجركسية، وهى كبيرة وفيها عوج، وكثر لبس الحياصة، وتأنّق فيها الأمراء والعسكر، وكان لها سوق مخصوص من أعظم أسواق القاهرة.

وفى زمن الناصر محمد وصلت قيمة الحياصة إلى ثلثمائة دينار - عبارة عن مائة وخمسين جنيها فى زماننا - وعملت من خالص الذهب، وكثيرا ما كانت ترصع بالجواهر، وكان السلطان يفرق منها كل سنة عددا وافرا.

ومما كثر استعماله فى زمانهم العنبر، حتى جعله النساء قلائد، فلا توجد امرأة إلا ولها منه قلادة، وعمل منه أهل الثروة الستور والمساند.

وكثر أيضا استعمال الفراء، وكانت من أعز الأشياء مدة الترك، وفى دولة الجركس جعل لها سوق، محل التبليطة من الغورية الآن، وكان يباع فيه السمور والوشق والقاقم والسنجاب.

وكذا كثر لبس الطواقى للصبيان والأجناد والنساء والجوارى، وكانت تصنع خضرا أو حمرا أو زرقا، وكانت تزيد على الرأس أولا سدس ذراع، ثم ارتفعت نحوا من ثلاثة أرباع ذراع فى زمن الناصر فرج، وكانت مدورة من أعلاها وأسفلها بفرو من السمور، وكانت من أشنع ما يرى.

وكما تغيرت فى زمنهم هيئة الملبس كذلك تغير المأكل والمسكن، فاستجد من الأطعمة ما لم يكن معروفا قبلهم، وسمّوها بأسماء من لغتهم.