والبحيرة، والإسكندرية، ورشيد، ودمياط ونحوها، وبراءة كل منهم فى اليوم كانت فوق المائة عثمانى، والذين دونهم فى الرتبة براءة الواحد منهم فى اليوم دون المائة عثمانى، وهم قاضى الأشمونين، والمنية، والبهنساوية والفيوم/ وبنى سويف، والمنفلوطية، وأسيوط، وجرجا، وقنا، والقصير، والواحات، وأبريم، والنحريرية، وإبيار، ومحلة أبى على، وسمنود، ومحلة المرحوم، والبرلس، وفوّة، ونحوها، انتهى.
ويؤخذ من هذا الكتاب وغيره أن القضاة كان لهم الحل والعقد فى جميع المصالح، حتى فى أموال الديوان، وأمر الشراقى والترع، والجسور والقناطر، بحيث لا يتم أمر، ولا يبت حكم إلا بالقضاة، وكانوا واقفين عند حدود الشرع، ثم تغيرت الأحوال شيئا فشيئا، وطمعوا فيما فى أيدى الناس، وأكثروا من المحاصيل، وقصرتهم الحكومة على بعض الأحكام، وصار بعضهم يقتفى أثر بعض في الإحداثات، وترتيب المعاليم والمحاصيل على الدعاوى، بل صار المتأخر يزيد على المتقدم فى ذلك، حتى كأنه لم يكن المقصود من المحاكم إلا جمع الأموال.
قال الجبرتى فى حوادث سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف؛ إنه لما كان يوم الخميس لعشرين مضت من جمادى الأولى حصلت جمعية من المشايخ وغيرهم بأمر من صاحب الدولة، وتذاكروا فيما يفعله قاضى العسكر من الجور والطمع فى أخذ أموال الناس والمحاصيل، وذلك أن القضاة الذين يأتون من باب السلطنة، كانت لهم عوائد وقوانين لا يتعدونها، ثم لما تمادى الزمن فحش أمرهم، وزاد طمعهم، وابتكروا حيلا لسلب أموال الناس والأيتام والأرامل، وكلما ورد قاض ورأى عوائد من قبله أحدث هو أشياء أخر يمتاز بها، حتى تعدى ذلك لقضايا أكابر الدولة وكنخدا بك بل والباشا، وصار ذلك أمرا لا يحتشم منه، ولا يراعون فيه خليلا ولا كبيرا.
وكان المعتاد القديم أنه إذا ورد القاضى فى أول السنة التوتية إلتزم بالقسمة بعض المميزين من رجال المحكمة بقدر معلوم يقوم بدفعه للقاضى،