للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بزوجة سيده بنت إبراهيم كتخدا من الست البارودية، وهى أم أولاده إبراهيم وعلى ومصطفى الذين تقدم ذكرهم، والتى كان عقد عليها كانت من غيرها، فتزوجها حسن كاشف أحد أتباعهم.

تنبه المترجم، وتداخل فى الأمراء والأكابر، وانضوى إلى حسن كتخدا الجربان، عندما كان كتخدا مراد بيك فقلّده فى الخدم والقضايا، وأعجبته سياسته فارتاح إليه، وكان حسن كتخدا المذكور تعتريه النوازل فينقطع بسببها أياما بمنزله فينوب عنه المترجم فى الكتخدائية عند مراد بيك فيحسن الخدمة والسياسة ويستجلب له المصالح فأحبه وأعجب به وقلده الأمور الجسيمة وجعله أمين الشون، فعند ذلك اشتهر ذكره، ونما أمره، واتسع حاله، وانفتح بيته، وقصدته الناس، وتردد إليه الأعيان فى قضاء الحوائج، ووقفت ببابه الحجاب، واتخذ له ندماء وجلساء من اللطفاء وأولاد البلد يجلس معهم حصة من الليل ينادمونه ويسامرونه، ويشرب معهم.

وماتت زوجته ابنة سيد سيده من بنت البارودى، فزوّجه مراد بيك أكبر محاظيه أم ولده أيوب، وأتت إلى بيته بجهاز عظيم، وصار بذلك صهرا المراد بيك، وزادت شهرته ورفعته.

فلما حصلت الحوادث ووصل حسن باشا وخرج مراد بيك من مصر لم يخرج معه، واستمر بمصر، فقبض عليه إسماعيل بيك وحبسه مع عمر كاشف بيته، ثم نقلهما إلى القلعة بباب مستحفظان مدة، فلم يزل المترجم حتى صالح عن نفسه وأفرج عنه، وتقيد بخدمة إسماعيل بيك وتداخل معه حتى نصبه فى كتخدائيته، وأحبه واحتوى على عقله، فسلم إليه قياده فى جميع أشغاله، وارتاح إليه وجعله أمين الشون والضربخانة وغيرهما، فعظم شأنه، وطار صيته بالأقاليم المصرية، وكثر الازدحام ببابه، وجبيت إليه الأموال، وصار الإيراد إليه، والمصرف من يده، فيصرف جماكى العساكر ولوازم الدولة وهداياها ومصاريف العمائر والتجاريد واحتياجات أمير الحج، وغير ذلك بتؤدة وزياقة، وحسن طريقة من غير شعور لأحد من الناس بشئ من ذلك.