وقد شوهد كثير من هذا القبيل، والعادة أن اسم المنشئ يكون فى الوسط، وحينئذ فهاتان المسلتان ينسبان إلى (طوطموزيس) فى المدة التى كان التقدم فيها لا مزيد عليه فى أمر العمارة، وفيها بلغ النقش والتصوير عند المصريين، درجة لم تكن عند السابقين، ولم يصل إليها اللاحقون.
والذى ينبغى التنبه له، أن من ضمن الكتابة المسطرة على أوجه مسلات الإسكندرية، عبارة جديرة بالذكر، لدلالتها على حادثة عظيمة، حصلت فى الأزمان الماضية بالديار المصرية، وهى: هجوم العربان عليها سنة ٢٥٠٠ قبل الميلاد، وأقاموا حاكمين فيها ٥٠٠ سنة، قاست فيها البلاد بلاء لا مزيد عليه.
وعلى المسلات يقرأ بعد ألقاب الفراعنة عند ذكر (طوطموزيس الثالث) كلمة معناها: المشهور بطرده للهيك، ومعلوم أن اسم الرعاة الواردين مصر من العرب-فى لغة المصريين-هو: هيكوسوس، ولا بد أن لفظة (هيك) مختصرة منها.
والذى يغلب على الظن، هو ما ورد عن المؤرخ (مانيتون المصرى) من أن هذه الكلمة مركبة من كلمتين: هيك وسوس، الأولى: من اللسان المصرى العتيق ومعناها:
الملك، والثانية: من لسان العامة ومعناها: رعاة، فمجموعهما: ملك الرعاة، فاكتفى بكتابة الكلمة الأولى لدلالتها على هذا المعنى.
وحيث أن المعروف أن الرعاة كان طردهم من مصر قبله بأحد ملوك عائلته، يلزم أنهم هجموا عليها مرة أخرى فجلاهم عنها (طوطموزيس الثالث) ولذا اكتسب الذكر الجميل، ونقشت هذه الفعلة ضمن افتخاره.
وبالتأمل لتاريخ هذه المدة المشحونة بالأهوال، يرى ويستدل من الكتابة المنقوشة على مسلات إسكندرية، أن امتيازها كان فى زمن (طوطموزيس الثالث)، وذلك قبل الميلاد بسبعة عشر قرنا، وأنّ المسلة التى بباريس. وأختها الموجودة بالكرنك-للآن-بعدها بقرنين، وهاتان المسلتان ينسبان إلى (سوزستريس).