عليه وسلم فى غير تشبيه ولا تعطيل، وأما أخلاق العبودية فهى مقابلة الأوصاف الإلهية على السواء، فكل صفة استحقتها الألوهية طلبت العبودية حقها من مقابلة ذلك الوصف، ومن هذا المقام كان استغفاره ﷺ، فكل عن مقامه يتكلم، وعما وصف به يترجم.
ومن كلامه: من نظر إلى ثواب فى أعماله عاجلا أو آجلا فقد خرج عن أوصاف العبودية التى لا ثواب لها إلا وجه الله تعالى. وكان يقول: عليك بحسن الظن فى شأن ولاة أمور المسلمين وإن جاروا فإن الله لا يسأل أحدا قط فى الآخرة لم حسنت ظنك بالعباد. ويقول:
لا تسب أحدا على التعيين بسبب معصية وإن عظمت فإنك لا تدرى الخاتمة له ولك، ولا تسب إلا الفعل لا العين فإن عينك وعينه واحد، فإن النبى ﷺ قال فى الثوم:«إنها شجرة أكره ريحها» فلم يقل أكرهها، ويقول: لا يخلو المنقص للناس عن ثلاثة أحوال: إما أن يرى أنه أفضل منهم فهو أسوأ حالا منهم، وإما أن يرى أنه مثلهم فما أنكر إلا على نفسه، وإما أن يرى أنه دونهم فلا يليق به تنقيص من هو خير منه. ويقول: كونوا عبيد الله لا عبيد أنفسكم ولا عبيد ديناركم ودرهمكم، فإن كل ما تعلق به خاطركم أخذ من عبوديتكم بقدر حبكم له، وأنتم لم تخلقوا لكون ولا لأنفسكم بل خلقكم له، فلا تهربوا فإنكم حرام على أنفسكم، فكيف لا تكونون حراما على غيركم! ويقول: كفوا غضبكم عمن يسئ إليكم لأنه مسلط عليكم بإرادة ربكم. ويقول: لا تختر لنفسك حالة تكون عليها فإنك لا تدرى أتصل إلى ما اخترته أم لا، ثم إن وصلت إليه لا تدرى ألك فيه خير أم لا، وإن لم تصل إليه فاشكر الله الذى منعك فإنه لم يمنعك عن بخل. ويقول: إذا نقل إليكم كلام فى عرضكم فازجروا الناقل ولو من أعز إخوانكم، وقولوا له: إن كنت تعتقد هذا الأمر فينا فأنت ومن نقلت عنه سواء، بل أنت أسوأ حالا، لم يسمعنا ذلك وأنت أسمعتنا إياه، لأنه وإن كنت تعتقد بطلان ذلك فى حقنا فما فائدة نقله لنا؟ ويقول: لا تأنفوا من التعلم ممن خصه الله تعالى بشئ كائنا من كان، لا سيما أهل الحرف النافعة، فإن عندهم من الأدب ما لا يوجد عند خواص الناس. ويقول: انظر يا أخى إلى إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، لما لم تؤثر فيه نار الشهوة لم تؤثر فيه نار الحس، بل وجدها بردا لأجل برد باطنه من حر التدبير المفضى إلى الشرك المشار إليه بقول لقمان لابنه: إن الشرك لظلم عظيم. وكان يقول فى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ الأجل الأول هو أجل الجسم بموته فى الحياة الدنيا، والأجل المسمى عنده هو أجل الروحانية التى خلقت قبل الأجسام بألفى عام، فإنها مستمرة الحياة إلى الصعق الأخروى حين تصعق الأرواح فتخمد، وخمودها هو حظها من الموت والفناء اللازم لصفة الحدوث، فلا تبقى روح فى الأرض ولا فى البرزخ إلا ماتت أى خمدت. وسئل: ما المراد بالصّور الذى ينفخ