للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقفوا عليه أوقافا جمة يبلغ إيرادها الآن نحو ألف جنية فى السنة، ولزيادة المحافظة على نظافته واحترامه ترى على كل باب من أبوابه جمعا من البوابين للغلق والفتح، ولهم رفوف من الخشب أو الجريد يضعون عليها نعال الداخلين، ويمنعون الدخول بأعواد الدخان ونحوها.

وآخر من عمّره قبل عمارة الخديو إسماعيل هذه الأمير عبد الرحمن كتخدا فإنه فى سنة خمس وسبعين ومائة وألف أجرى فيه عمارة عظيمة وزاد فى تحسينة ورونقه، وكانت به عمد من الرخام الأبيض، وكان فى جانبه الأيمن إيوان كبير، وعن شمال المحراب ركبة من البناء فيها قبور لبعض الصالحين يعرف بعضهم بالأمين، وهناك قبر الشيخ أحمد الملوانى شيخ السادة المالكية، وكانت حنفيته فى مكانها اليوم، وميضأته أقل من عشر فى عشر، ومرافقه قليلة، وله منارتان، وصهريج فوقه سبيل. وكان المرحوم عباس باشا فى ولايته على ديار مصر قد عزم على توسعته والزيادة فى تحسينه-على عادته من الاعتناء بعمارة مشاهد أهل البيت- فاشترى الأملاك التى بجواره وهدمها وشرع فى البناء فوضع الأساس، ثم اخترمته المنية فبطلت العمارة.

وبقيت الأرض براحا إلى أن اشتراها مصطفى بيك العنانى، وعمرها لنفسة رباعا وفنادق للاستغلال ويقال إنه وجد بها كنزا عظيما خلف قبة المشهد الحسينى.

ولما أخذ الخديو إسماعيل باشا بزمام ولاية الديار المصرية سنة تسع وسبعين ومائتين وألف أمر بتجديده وتوسعته وتوسعة رحابه وطرقه؛ لما رأى من أهميته وازدحام الناس عليه وضيقه بهم، لأن أرباب مظاهر الدين يسعون من كل فج على العربات والخيل والبغال والحمير حتى تزدحم أبوابه وطرقه، فيضر ذلك بالمارة خصوصا أزمان المواسم، ففتح بجواره شارع السكة الجديدة حتى وصل إلى تلول البرقية، وندبنى لعمل رسم للجامع يكون به وافيا بمقصده الحسن، فبذلت الهمة فى ذلك وامتحنت الجامع وما حوله من الأماكن، وعملت له الرسم اللائق بعظيم شأنه، بحيث لو وضع عليه لكان مبرأ من العيوب، مع الاتساع العظيم داخلا وخارجا، إذ جعلته منفصلا من كل جهة عن المساكن بشوارع وميادين رحيبة وجعلت شكله قائم الزوايا، وجعلت حدّه الأيمن بحذاء جدار القبة الأيسر بالنسبة للمصلى فيها بحيث يكون الجداران واحدا، وحده الأيسر نهاية الحد الأيسر للصحن الذى به الحنفية الآن، ويصير هذا الصحن من ضمن الجامع، وحده الذى به المحراب والمنبر يكون بحذاء جدار القبة الذى به محرابها بحيث يكون الجداران واحدا، والحد الرابع الذى يلى خان الخليلى