وصنف عدة رسائل فى أمور الدين، وكان يعظ النساء فى المساجد ويخصهن دون الرجال ويعلمهن أحكام الدين وحقوق الزوجية والجيران.
قال: وعندى بخطه نحو ستين كراسا فى المواعظ التى كان يعظهن بها، وكان يقول: هؤلاء النساء لا يحضرن دروس العلماء ولا يعلمهن أزواجهن وأنكر عليه الشيخ سراج الدين البلقينى فى بناء هذا الجامع وبالغ فى إنكاره؛ فقال الشيخ: ماذا ينكر علينا؟ فقالوا: يقول: إنك تأخذ طوب المساجد الخراب تبنى بها جامعا. فقال: كلها بيوت الله.
ثم انه دخل الأزهر يقصد البلقينى ونصب كرسيا فى صحن الجامع وهو فى حال حتى صارت عيناه كالجمر وجلس على الكرسى، وقال: من يسألنى عن كل علم نزل من السماء أجيبه عنه. فبهت الناس كلهم ولم يسأله أحد فلما سرى عنه قال: من جاء بى إلى هنا؟ فقالوا: وقع منك كذا وكذا. فقال: هل سأل أحد؟ فقالوا: لا. فقال:
الحمد لله لو خرج إلينا أحد لافترسناه.
وكان إذا دعى إلى شفاعة عند من لا يعرفه يقول لذى الحاجة: اذهب فخذ أحدا من وجوه الناس واسبقنى إلى بيت الرجل؛ فإذا جئت فقوموا وتلقونى وعظمونى حتى تمهدوا مكانا للشفاعة فإنى رجل مجهول الحال بين هؤلاء.
وكان يقول: ما دخل أحد مسجدى هذا ثم صلى ركعتين إلا أخذت بيده فى عرصات القيامة فإن الله شفعنى فى جميع أهل عصرى.
ولما جاء سيدى محمد الغمرى ليأخذ عنه الطريق وافق الدخول بعد العشاء وقد أغلق باب الجامع؛ فقال: افتحوا لنا. فقال الشيخ: نحن لا نفتح بعد العشاء. فقال: إن المساجد لله. فقال الشيخ: نفس فقيه افتح له يا فلان. ففتحوا له فلقنه الشيخ الذكر وجعله خادما فى الميضأة ثم فى البوابة ثم فى الوقادة فمكث عشر سنين ثم فتح عليه، وما كان يأذن للفقراء القاطنين عنده إلا فى تعليم فضائل الشرع المتعلقة بالعبادات ويمنعهم من تعلم الأمور المتعلقة بفصل الأحكام فى البيوع والرهون والشركات ونحو ذلك، ويقول:
ابدءوا بالأهم ولا أهم من معرفة الله ﷾ فى هذه الدار. وقد قام الفقهاء عنكم بفروع الشريعة فإن قلوّا والعياذ بالله/وتعطلت الأحكام وجب عليكم تعلم هذه الفروع لئلا تندرس الشريعة.
مات ﵁ سنة نيف وعشرين وثمانمائة، ودفن بجامعه وقبره ظاهر يزار انتهى باختصار.