سنان عزيز القدر يوسف عصره … ألم تره فى مصر أحكامه تجرى
تدلى إلى أقصى البلاد بجيشه … ومهد ملكا قد تمزق بالشرّ
وشتت شمل الملحدين وردّهم … مثال قرود فى الجبال من الذعر
وله مآثر جميلة وآثار حميدة وخيرات لا تنقطع وعدة مساجد وربط وتكايا فى الديار المصرية والشامية والرومية، ولم يكن أحد من خدمة آل عثمان أنشأ مثلها من الخيرات، ثم توجه إلى الأعتاب العالية وولى الوزارة العظمى وفرحت الناس بولايته، انتهى.
وقال فى خلاصة الأثر بعد أن عدد جملة من آثاره: ومن غريب ما وقع له وهو بمصر أنه لما تعين الوزير لالا مصطفى باشا إلى فتح اليمن سار إلى مصر وتقاعس بها عن السير رجاء أن تضم له إمارة الأمراء بمصر إلى سردارية العساكر المعينة لليمن؛ فاتفق مع بعض خواصه أن يضيف سنان باشا ويضع له السم فى المشروب، ثم دعاه فأجاب، وقال للشيخ أدهم بن عبد الصمد: قم نذهب إلى الضيافة؛ فقال له: والله ما أنا بذاهب معك ولكن احترز على نفسك فإن القوم عازمون على أن يضرّوك؛ فلما قدّموا إليه الإناء المسموم فى ماء الشعير المحلى بالسكر لم يتناول منه شيئا ودعا بعض الأمراء الحاضرين إلى شربه؛ فقال له من دعاه: أما أنا فلا أشرب من هذا الإناء. فازداد وهمه؛ فقال رجل واقف للخدمة: إلى متى تتوقفون فى شربه! وتناوله ليشربه فلما وضعه بين شفتيه تناثر لحم فمه فى الحال ووقع مقدم أسنانه وسقط شعر لحيته؛ فعلم الحاضرون بالقصة وقام سنان باشا وهو يقرأ: ﴿(وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ)﴾ (١)، ثم عينه السلطان إلى اليمن من صنعاء إلى عدن سردارا على العساكر، فأصلح ما اختل منها، ثم عاد وصادف الحج وأنشأ بمكة آثارا حسنة منها: تعميره حاشية المطاف دائرة حوله مفروشة بالحصى يدور بها دور حجارة منحوتة مبنية حول الحاشية كالإفريز لها؛ فأمر بفرش الحاشية بالحجر الصوّان المنحوت فصار محلا لطيفا دائرا بالمطاف من بعد أساطينه، وصار ما بعد ذلك مفروشا بالحصى الصغار كسائر المسجد الحرام، وعمر سبيل التنعيم وأجرى إليه الماء من بئر بعيدة يجرى منها الماء إليه فى ساقية مبنية بالحصى والنورة وعين لها خادما، وحفر آبارا بقرب المدينة المنورة.
ثم قدم إلى تخت السلطنة فعينه السلطان سليم إلى فتح حلق الوادى ببلاد تونس الغرب وكان النصارى استولوا عليها وأحكموا قلاعها، وأرسل معه مائتى غراب مشحونة بالأبطال