وقال المزنى: دخلت على الشافعى ﵁ فى علّته التى مات فيها فقلت:
كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا ولإخوانى مفارقا، ولكأس الموت شاربا ولسوء أعمالى ملاقيا وعلى الله واردا، فلا أدرى روحى إلى الجنة تصير فأهنيها أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشد:
ولما قسا قلبى وضاقت مذاهبى … جعلت رجائى نحو عفوك سلما
تعاظمنى ذنبى فلما قرنته … بعفوك ربى كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل … تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يسلم من ابليس عابد … وكيف وقد أغوى صفيك آدما
انتهى باختصار.
وفى ابن خلكان: قال أبو ثور: من زعم أنه رأى مثل محمد بن إدريس فى علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكنه فقد كذب كان منقطع القرين فى حياته فلما مضى لسبيله لم يعتض منه.
ومن دعائه:
اللهم يا لطيف أسألك اللطف فيما جرت به المقادير. وهو مشهور بين العلماء بالإجابة وأنه مجرب.
ومن شعره ﵁:
لو كان بالحيل الغنى لوجدتنى … بنجوم أقطار السماء تعلقى
لكنّ من رزق الحجا حرم الغنى … ضدان مفترقان أى تفرّق
ومن الدليل على القضاء وكونه … بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
وهو القائل:
ولولا الشعر بالعلماء يزرى … لكنت اليوم أشعر من لبيد
ولما مات رثاه خلق كثير منهم: أبو بكر بن محمد بن دريد صاحب المقصورة.
ومن مرثيته:
تسربل بالتقوى وليدا وناشئا … وخص بلب الكهل مذهو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة … إذا التمست إلا إليه الأصابع