للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسلطان يصغى إليه ويقربه منه ويخلع عليه الخلع السنية السمور وغيرها زيادة على منصبه، بل تكرر نزوله له غير مرة فزادت وجاهته بذلك كله، وصار لا يسلم على أحد إلا نادرا فالتفتت إليه العامة بالتمقت واستماع المكروه كقولهم: يا باسط خذ عبدك. فلم يحتملهم وشكاهم إلى المؤيد فتوعدعم بكل سوء إن لم ينكفوا فأخذوا فى قولهم: يا جبال يا رمال يا الله يا لطيف. فلما طال ذلك عليه التفت إليهم بالسلام وخفض الجناح فسكتوا عنه وأحبوه/ولا زال يترقى إلى أن أثرى جدا وعمر الأملاك الجليلة، وأنشأ القيسارية المعروفة بالباسطية داخل باب زويلة وكان فيروز الطواشى قد شرع فيها مدرسة فلم يتهيأ لإكمالها. كل ذلك وهو كاتب الخزانة وناظر المستأجرات السلطانية بالشام والقاهرة إلى أن استقر به الظاهر ططر فى نظر الجيش عوضا عن الكمال بن البارزى فى سابع ذى القعدة سنة أربع وعشرين، فلما استقر الأشرف بالغ فى التقرب إليه بالتقادم والتحف وفتح له أبوابا فى جمع الأموال، وأنشأ العمائر فزاد اختصاصه به وصار هو المعوّل عليه والمشار فى دولته إليه مع كونه لم يسلم غالبا من معاند له عنده كالدوادار الثانى جانبك والبدرى بن مزهر وجوهر القنقباوى إلا أن مزيد خدمته نفعه، وأضيف إليه أمر الوزر والاستادارية فسدهما بنفسه وببعض خدمه إلى أن مات الأشرف واستقر ابنه العزيز وكان من أعظم القائمين فى سلطنته، ومع ذلك أهين من بعض الخاصكية الأشرفية بالكلام واحتاج إلى الانتماء إلى الأتابك جقمق، ولم يلبث أن صار الأمر إليه فخلع عليه باستمراره فى نظر الجيش ثم قبض عليه وحبسه بالمقعد على باب البحرة المطلة على الحوش من القلعة فى الثامن والعشرين من ذى الحجة سنة اثنتين وأربعين وصمم على أخذ ألف ألف دينار منه، فتلطف به صهره الكمال بن البارزى وغيره من أعيان الدولة حتى صار إلى ثلثمائة ألف دينار فيما قيل، وأخذ منه قطعة قيل أنها من نعل المصطفى بعد ما نقل إلى البرج بالقلعة وأهين باللفظ غير مرة، ثم أطلق ورسم له بالتوجه إلى الحجاز فأخذ فى التجهيز لذلك، وسافر بعد أن خلع عليه وعلى عتيقه جانبك الاستادار فى ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين، فأقام بمكة إلى موسم سنة أربع فحج ورجع مع الركب الشامى إلى دمشق امتثالا لما أمر به؛ فأقام بها سنوات وزار فى أوائل صفرها بيت المقدس وأرسل بهدية من هناك إلى السلطان، ثم قدم القاهرة فكان يوما مشهودا وخلع عليه وعلى أولاده ونزل إلى داره، ثم أرسل بتقدمة هائلة واستمر إلى أن عاد إلى دمشق بعد أن أنعم عليه فيها بإمرة عشرين، ثم بعد سنين عاد إلى القاهرة مستوطنا لها وفى أثناء استيطانه حج رجبيا فى سنة ثلاث وخمسين وكان ابتداء سيره فى شعبانها فوصل