للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى بدائع الزهور: أن والد شرف الدين بن الفارض كان قد برع فى علم الفرائض حتى انفرد به فى عصره، ولما مات شرف الدين بن الفارض دفن تحت العارض - بالعين المهملة - بجوار الجبل المقطم عند مجرى السيل وفيه يقول أبو الحسن الجزار:

لم يبق صيب مزنة إلا وقد … وجبت عليه زيارة ابن الفارض

لا غرو أن تسقى ثراه وقبره … باق ليوم العرض تحت العارض

كان رحمه الله تعالى فريد عصره فى التصوف وله نظم جيد فى معانى الغراميات، ومن رقائق شعره ما قاله فى الجناس:

خليلىّ إن زرتما منزلى … ولم تجداه فسيحا فسيحا

وإن رمتما منطقا من فمى … ولم ترياه فصيحا فصيحا

وقد عاشر جماعة من العلماء منهم: الشيخ شرف الدين المستديرى وجلال الدين القزوينى وأمين الدين بن الرفاعى وجلال الدين السيوطى وابن خلكان وأبو القاسم المنفلوطى والسهروردى وغيرهم، ولم يعترض عليه أحد منهم فى نظمه وكانوا فى غاية الأدب معه ودفن تحت رجلى شيخه البقال، انتهى.

وفى كتاب المزارات للسخاوى: أن سلطان المحبين شرف الدين بن الفارض تلميذ أبى الحسن على البقال صاحب الفتح الإلهى والعلم الوهبى. نشأ فى عبادة ربه وكان مهيبا من صغره. قال الشيخ نور الدين بن كمال الدين سبط الشيخ شرف الدين:

كان الشيخ معتدل القامة حسن الوجه مشربا بحمرة وإذا تواجد ازداد وجهه نورا وجمالا ويسيل العرق من وجهه حتى يسيل من تحت قدمه، وإذا حضر فى مجلس تظهر على المجلس سكينة وسكون، وكان الناس حتى أكابر الدولة يزدحمون عليه ويقصدون تقبيل يده فيمنعهم من ذلك ويصافحهم، وكانت ثيابه حسنة ورائحته طيبة وينفق نفقة متسعة ويعطى عطاء جزيلا ولا يقبل من أحد شيئا.

قال سبطه: سمعت جدى يقول: كنت فى أول تجريدى أستأذن والدى - وهو خليفة الحكم الشريف بالقاهرة ومصر - وأطلع إلى وادى المستضعفين بالجبل وآوى فيه وأقيم أياما ثم أعود لأجل بركة والدى ومراعاة قلبه فيجد سرورا برجوعى إليه ويلزمنى بالجلوس معه فى مجلس الحكم، ثم أشتاق إلى التجريد فأستأذنه وأعود إلى السياحة وما برحت كذلك حتى سئل والدى أن يكون قاضى القضاة فامتنع واعتزل الناس وانقطع إلى الله ﷿ فى الجامع الأزهر إلى أن توفى؛ فعاودت التجريد والسياحة فلم يفتح على؛