للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن نجاه الله تعالى منها أن يجعلها مسجدا. ففعل ذلك فى سلطنته بعد بضع وعشرين سنة، وتأمر على الحاج سنة إحدى وثمانمائة بعد موت أستاذه وناب فى طرابلس.

ولما نازل اللنك حلب خرج مع العساكر فأسر ثم خلص من اللنك بحيلة عجيبة وهى: أنه لما أسر استمر فى أسر اللنكية إلى أن فارقوا دمشق، ثم رجعوا فاغتم وقت رحيلهم وألقى نفسه بين الدواب وستره الله؛ فمشى إلى قرية من عمل صفد ثم توصل إلى طرابلس وركب البحر إلى الطينة ثم مشى فى البر إلى قطيا فبالغ الوالى فى إكرامه بعد أن كان جفاه لكونه لم يعرفه واعتذر وقدم له خيلا. فركب ودخل القاهرة وأعيد كما كان أولا لنيابة طرابلس، ثم ولى نيابة الشام وجرت له من الخطوب والحروب ما ذكر فى الحوادث، بل وأشير إليه فى ترجمته من تاريخ ابن خطيب الناصرية وملك وكانت مدة كونه فى السلطنة ثمان سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام، وأقام فى الملك عشرين سنة ما بين نائب ومتغلب وأتابك وسلطان.

وكان شهما شجاعا عالى الهمة كثير الرجوع إلى الحق محبا فى العدل متواضعا يعظم العلماء ويكرمهم ويحسن إلى أصحابه ويصفح عن جرائمهم يحب الهزل والمجون مستترا ومحاسنه جمة.

وحدث بصحيح البخارى عن السراج البلقينى بإجازة معينة وكانت معه فى أسفاره لا يفارقها، وكان يعظم الشرع وحملته وكان محبا فى الصلاة لا يقطعها وإن عرض له عارض بادر فى قضائها، وكان مفرطا فى الشجاعة افتتح حصونا وخطب له بقيسارية ثم جهز ولده إبراهيم فظفر بابن قرمان وأحضره أسيرا، ولما أصابته عين الكمال مات ابنه إبراهيم ثم مات هو بعده بقليل، وذلك فى المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة اه.

وقال العينى فى تاريخه: لما مات السلطان المؤيد كان فى الخزانة ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار من الذهب على ما قيل فلم تمض السنة وفيها دينار واحدا.

قال: وهو من طائفة من الجراكسة يقال لهم: كرموك. ويقال: أنه من ذربة أينال ابن ركماس بن سرناس بن طحا بن جرباش بن كرموك وكان كرموك كبير طائفة وكذلك نسله ..

وعمل العينى فى سيرته أرجوزة سماها الجوهر وكذا أفردها ابن ناهض فى مجلد حافل، وتكرر نزوله فى سنة اثنتين وعشرين إلى بيت الناصرى بن البارزى ببولاق وعام فى البحر غير مستتر مع ما به من ألم رجله وضربان المفاصل.