للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التجار فى أموالها وجعلوا على كل تاجر غرامة يكتب بها حجة بأنه اقترضها وذلك بعد الحبس والضرب، وكان من شعارهم ركوب الحمير العوالى وحولهم أعوانهم كجنود الدجال، ثم لما اتسع نطاق فسادهم فى المدينة وكثر بغيهم ونهبهم لأموال الناس احتمى بعض التجار بالجامع الأزهر فأتوا إلى الوزير وطلبوا منه الأمر بقتلهم، فلما سمع العلماء ذلك غلقوا أبواب الجامع فأتوا إليه وحاصروه فنزل إليهم زعيم مصر فأهانوه فرجع إلى الباشا وأخبره فصار بتحيل فيما يفعله فى قطع دابر هؤلاء المفسدين، وكان فى أثناء تلك الحادثة أصلان نازل فى روضة بجانب حديقة شيخ الإسلام الشيخ شرف الدين فغضب الشيخ من ذلك ومما رآه من أفعالهم الذميمة؛ فتوجه إلى الأزهر وعرض الأمر على العلماء فقاموا وتوجهوا إلى قاضى العسكر وطلبوا منه أصلان ليحاكموه، فطلبه قاضى العسكر فعصى فأثبتوا عليه الكفر وحكموا بقتله، وكان أصلان هذا قد توجه عند الباشا وهو فى أمن لظنه أنه لن يقدر عليه أحد، فلما دخل عند الباشا غمز عليه فقطعت رأسه فبلغ الخبر جنوده وكانوا فى ذلك اليوم قد خرجوا للنزهة بالبساتين فأتوا على حميرهم متسلحين إلى باب العزب فلم يمكنهم الدخول إلى القلعة فرجعوا وتحصنوا بالمؤيد، فاستفتى عمر باشا حاكم مصر العلماء فأفتوه بأنه يقابلهم بما يقابلونه به وإن انهدم من الجامع شئ فيبنى. فأمر العسكر بالزحف عليهم ومعهم اثنا عشر مدفعا، وضاقت الأزقة من كثرة الراكب والراجل وضربوا عليه بالمدافع والبندق إلى وقت العصر، فلما رأوا أن لا قدرة لهم على ذلك طلبوا الأمان وفتحوا الأبواب ورموا أسلحتهم وصار القبض على أغلبهم فقطعت رؤوسهم عند باب زويلة وأخذت أموالهم لبيت المال وقتل من بقى منهم، وذلك يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من صفر سنة ست وسبعين وألف.

وقال بعضهم فى ذلك:

قوم بمصر عتوا بالظلم ثم طغوا … إذا أتاهم فتى سوء إليه صغوا

هم زربة حين زالوا مصرنا أمنت … قالوا متى هلكوا أرخت حين بغوا

انتهى.

وفى تاريخ الجبرتى من حوادث رأس القرن الحادى عشر: أن الأمير أحمد باشا كتخدا إبراهيم باشا الذى مات بمصر قد أجرى فى مدة ولايته على مصر ترميم هذا الجامع، وكان قد تداعى إلى السقوط فأمر بالكشف عليه وعمره ورفعه، انتهى.