فكانت هذه المدة أشنع مما قبلها، ففيها انقطع السفر برا وبحرا، ومنعت الإنكليز الصادر والوارد عن جهات القطر، وانقطع الحجّ، ووقف العرب وقطاع الطريق بجميع الجهات، وتسلّطوا على القرى والفلاحين، وقصر مد النيل، واشتد الغلاء، وحصل القحط والوباء، فمات فيه كثير من الخلق.
وفى خلال ذلك سافر بونابارت إلى بلاده، واستخلف على الجنود الفرنساوية بمصر قائدا من زعمائهم اسمه كليبر، فاغتاله رجل شامى حضر من بلاده لهذا القصد، يقال له سليمان الحلبى، وقتله واختفى، فاشتدّ غيظ الفرنساوية وحقدهم على أهل مصر، وأرادوا بهم السوء فراموا حرق المدينة، لولا أن الله تعالى رفق بوجود القاتل فقتلوه، وقتلوا معه عدة ممن اتّهموا بمساعدته.
وبعد قليل تم الصلح، وخرجوا من مصر، وأعقبهم العثمانيون فيها، واستقروا بها، فحصل ما سيتلى عليك.