للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإدريسى، أحد الأمراء الناصرية وأحد عتقائه فترقى فى الخدم من آخر أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى أن صار من جملة الطائفة اليلبغاوية؛ فلما قتل الأمير يلبغا الخاصكى خدم بعده الأمير أستدمر الناصرى الأتابك (١)، وصار من جملة دواداريته وما زال ينتقل فى الخدم إلى أن قام الأمير برقوق بعد قتل الملك الأشرف شعبان؛ فكان ممن أعانه وقاتل معه فرعى له ذلك ورقّاه إلى أن جعله أمير مائة مقدم ألف، وجعله دواداره لما تسلطن فسلك فى رياسته طريقة جليلة ولزم حالة جميلة من كثرة الصيام والصلاة وإقامة الناموس الملوكى، وشدة المهابة والإعراض عن اللعب، ومداومة العبوس وطول الجلوس وقوة البطش لسرعة غضبه ومحبة الفقراء وحضور السماع والشغف به وإكرام الفقهاء وأهل العلم.

وأنشأ بالقاهرة ربعا وقيسارية بخط البندقانيين، وتربة خارج باب الوزير تحت القلعة، وأنشأ بظاهر دمشق مدرسة بالشرف الأعلى، وأنشأ خانا عظيما خارج مدينة غزة وجعل بجانب هذه الخانقاه مكتبا لقراءة الأيتام وبنى بها صهريجا/ينقل إليه ماء النيل، وما زال على وفور حرمته ونفوذ كلمته إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصرى نائب حلب على الملك الظاهر برقوق فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وجهز السلطان الأمير أيتمش، والأمير يونس هذا، والأمير جهاركس الخليلى، وعدة من الأمراء والمماليك لقتاله؛ فلقوه بدمشق وقاتلوه فهزمهم وقتل الخليلى وفرّ أيتمش إلى دمشق، ونجا يونس بنفسه يريد مصر؛ فأخذه الأمير عنقاء بن شطا أمير آل مرا وقتله يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ولم يعرف له قبر بعد ما أعد لنفسه عدة مدافن بمصر والشام انتهى.

والظاهر أن هذه الخانقاه محلها الآن زاوية الشيخ يونس السعدى، التى خارج باب النصر بالمقبرة المعروفة بالدير، وهى زاوية صغيرة بداخلها قبر عليه قبة مرتفعة تقول العامة إنه قبر الشيخ يونس مجدّد طريقة السعدية بالديار المصرية. وهذا القول ليس بصحيح لأنالم نجد


(١) أتابك: من ألقاب الوظائف التى استعملت وبعض مركباتها فى بعض الأحيان كألقاب فخرية، ويتألف من لفظين تركيّين وهما: (أطا) بمعنى أب، و (بك) بمعنى أمير.
راجع (المصدر السابق نفسه صفحة ١٢٢).