وبعد قليل قتلها، فغضب أهل المدينة وحقدوا عليه ما فعل. ومن خوفهم من (سلا) لم ينتقموا منه عاجلا وما زالوا منتظرين الفرصة حتى مات سلا، بعد أيام قليلة، فقاموا عليه، ففر منهم إلى مدينة (صور) سنة ٦٥، ومات فيها بعد زمن يسير، وجعل فى وصيته الديار المصرية للرومانيين، ومع هذا لم يتعجل الرومانيون وضع أيديهم عليها. وأسباب ذلك غير معلومة، لكن يقال إن الأمة المصرية تلك المدة، كانت آخذة فى الضعف، والرومانيون كانوا منتظرين تمام ضعفها، سيما، وهى المتصرفة فى أمر الدولة المصرية وبيدها الحل والعقد، فكانت آمنة من نقلها من يدها، جازمة بأن مصر تؤول إليها، حتى أنه لم يكن للبطالسة إلا الإسم، والدليل على ذلك أن تولية البطالسة كانت برأى الرومانيين، وأغلب أموال مصر تذهب إليهم على سبيل الرشوة، وكانت أفراد العائلة الملوكية المصرية تتسابق فى العطايا فكان/الرومانيون ينتصرون للأكثر عطاء.
وترك (بطليموس) غير ابنته (بيرنيس) ولدين من السفاح، فأحضروا أحدهما وقلدوه الملك، ولقب بأوليت (الناياتى) وجعلت جزيرة رودس للثانى، وكانت-إلى ذاك الحين- لم تفصل عن حكومة مصر، ولكن حكم الرومانيون بانفصالها، وأسسوا ذلك الحكم على وصية إسكندر، وأرسلوا من طرفهم (كاتون) لإتمام هذا الأمر، فلم يقبل المصريون هذا الانفصال، بل جعلوا رودس تابعة لمصر كما كانت، وسعى (بطليموس) بالمال عند الرومانيين حتى تم له ذلك، وتعاهد معهم، وعد من أحبابهم بواسطة حبيبيه (قيصر وبومبيوس) فإنه دفع لهما ستة آلاف طالان هدية، وهى عبارة عن مليون وخمسمائة ألف بينتو، وضربها على البلاد المصرية، فضجروا ضجرا شديدا، ونتج من ذلك خروج الأهالى عن طاعته وطردهم له، وتولية بنته (بيرنيس) بدله، فذهب إلى روما وأقام بها زمنا، حتى استمال قلوب أكثر أمرائها بالمال.
وطال عليه الحال هناك وابنته غير غافلة فإنها تزوجت بأكبر القسس بمملكة البون، وتمكنت فى مكانها. ولما رأى والدها أن إقامته بروما غير مفيدة ذهب إلى الشام، ودفع أموالا