للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان له التفاتة تامة لتنظيم القوّة العسكرية، فجدد أورط المهندسين الحربية والكبورجية، وأحضر لذلك رجالا من الدولة الفرنساوية، فكان هو أول مؤسس لهذا الأمر المهم؛ فإن الجيوش لا تستغنى عن ذلك عند سيرها داخل القطر وخارجه، لتعدية البحور والأنهار والخلجان، سيّما عند مزاحمة العدوّ.

وكان موجها همته لتحصيل ما به التربية العامة والأسباب الصحية، وسلك ذلك بالفعل فى سلك التنظيم، من جملة أعمال خيرية لجميع الوطن، لكن لم تمهله الأيام حتى يتم ما شرع فيه وما عزم عليه، وتوفى إلى رحمة الله تعالى فى شهر ذى الحجة سنة ١٢٦٤ هلالية، عوّض الله أبناء الوطن فيه خيرا، فمدة جلوسه على التخت وإن كانت قليلة فى الحس. لكنها كثيرة فى المعنى، بما نالته إسكندرية وغيرها من آثار همته، ولو طالت به الأيام لنالت على يديه ما كانت تؤمله وزيادة، ولكن قد عوضنا الله تعالى أضعاف ما فاتنا منه، بأن أوجد لنا من ولده لصلبه، حضرة الجناب الخديوى إسماعيل باشا، فقد حصل لنا على يديه ما أزال أسفنا وحزننا، فإنا بحول الله وقوّته وعناية هذا الجناب، فضلا عن حوزنا لجميع ما قصده المؤسس الأصلى، قد وصلنا الآن إلى درجة من التقدم لم تكن لدولة من الدول المشرقية، ولا يبعد أنّا نناظر بها الدولة الأوروباوية، فإنه بأرض مصر الآن جميع نتائج الاختراعات النافعة العلمية والعملية المستعملة على الوجه الأرجح فى تنمية الأرزاق، وما من أحد من أهل القطر والطارئين إلا وقد أخذ بحظ من ذلك، وكلهم شاهدون له مثنون عليه وعلى آبائه وأبنائه.

*********