للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تزل إلى الآن على هذا الحال لقربها من المينا الغربية وساحل المحمودية، فتقف عندها المراكب الواردة من جهات القطر والخارجة من هويس المحمودية، فيتأتى هناك تفريغ بضائع القطر وشحن البضائع المسافرة إلى البلاد الخارجية.

وقبل وجود السكة الحديد كانت قد بلغت من الأهمية ما لا يمكن وصفه، فكانت المراكب بها لكثرتها كأنها كوبرى يمكن المرور من فوقها من شاطئ المحمودية إلى الشاطئ الآخر، وكانت تمتد فى الجانبين بعيدا عن أماكن الشحن والتفريغ نحو ألف متر.

وهى الآن بعد وجود السكة الحديد، وإن لم تكن بهذا الوصف، لكنها دائما مشحونة بمراكب الشحن والتفريغ ضرورة ازدياد ثروة الديار المصرية فى زمن الخديوى عما كانت عليه فى الأزمان السابقة، بسبب التفاته إلى موجبات سعادة الوطن.

ولما كان قد ترتب على انصباب ترعة المحمودية فى المينا، مع خلل الهويس الذى بها، رسوب الطمى فى كثير من مواضعها، وقلة عمق الماء فى تلك المواضع، وعدم إمكان تقريب السفن من البر، صدرت الأوامر بإصلاح الهويس وتوسعته، وتطهير فم الترعة والمينا لتتمكن جميع المراكب النيلية من أغراضها بسهولة، ولذلك صار جلب الماء العذب من المجارى إلى سيف (١) البحر فى المينا لتأخذ المراكب المياه بسهولة، وهى المستعملة إلى الآن مع غاية النفع، وتطهير الترعة جميعها أيضا لأن الطمى الذى كان بها مع كثرة المزروعات التى تسقى منها، كان موجبا لتعسر مرور المراكب بها فى كثير من الأوقات، وكانت المراكب كثيرا ما تقسم حمولتها على مراكب صغيرة فى طريقها.

فبهذه العناية زال هذا العناء عن التجار، وجعل أمام الجمرك القديم الذى أنشئ فى زمن العزيز عمارة متسعة لإقامة الخدمة وتخزين البضائع.


(١) سيف البحر-بكسر السين-ساحله.