وقد بقى على ذلك مدة بدت بشائر ثمرات هذا الغرس النافع، وتحقق من نجاح هذا المقصد الناظر والسامع، فمن منذ سنتين حصل نموّ محسوس فى عدد السفن الواردة على الثغر، وفى كمية البضائع الواردة والصادرة، وهذا ينبئ بكثرة فوائده الجليلة، ومتى تم واستعملت الأرصفة تحصلت الحكومة من عوائدها على إيراد يزيد عن ربح ما صرفته عليه، ومع طول الزمن يستحصل منه على الفائض ورأس المال، وبعد ذلك تكون العملية جميعها ربحا.
ومن ثمراته أيضا حفظ عوائد الجمرك وضبطها، زيادة عما هى عليه الآن، إذ لا شك أن ما يتحصل بسببه من عوائد ما هو معتاد إخفاؤه الآن، من دفع العوائد بسبب عدم تمكن الحكومة من إجراء جميع ما يلزم لضبطه يكون ربحا يضاف إلى ما تربحه السكة الحديد مما يتجدّد من الشركة التجارية التى تروم حينئذ استعمالها فى نقل بضائعها، وكل ذلك يزيد فى اعتبار الحكومة المصرية وشهرتها، ويمنع عن مدينة الإسكندرية ما كانت تخافه من الغوائل، وتستمر حائرة لجميع المزايا القديمة مع ما يضاف إليها من المزايا التى تحصل من تداخل الحوادث الزمانية بعضها فى بعض.
ولأجل إمكان مقارنة درجات تقدم الثغر، فى زمن الحضرة الخديوية بما سبقه، ومعرفة سير هذا التقدم مع الزمن، نورد هنا جدولا يتضمن عدد السفن التى دخلت مدينة إسكندرية، من ابتداء سنة ١٨٣٧ ميلادية، ليتمكن الواقف عليه من المقارنة ومعرفة الفرق، ويعلم أن القنال لم يؤثر فى ثغر إسكندرية تأثيرا محسوسا، بل من الأعمال الخيرية المدبرة بالأفكار الخديوية حصل نموّ الإيراد بنموّ الزمن، وها هو الجدول: