وإذا بلغ الأطفال الحلم فلا يدخلون منازل آبائهم ولو على محارمهم. وقد ترقى منهم جماعة فى درجات الحكومة، فمنهم أحمد بيك محمد أخذ رتبة أمير الآى سنة ١٢٧١ هـ، وكان من أعضاء مجلس الأحكام وتوفى سنة ١٢٧٩ هـ وخلف ثمانية أولاد ذكور، ثم ترقى أكبر أولاده عمر بيك فجعل مدير جرجا ثم أسيوط ثم توفى سنة ١٢٩٠ هـ، ثم ابنه الآخر على أحمد إلى رتبة قائم مقام وجعل وكيل مديرية قنا وتوفى فى رتبته سنة ١٢٨٩ هـ. ثم ابنه الثالث محمد أفندى فجعل وكيل مديرية قنا ثم وكيل مديرية إسنا.
وقد نسج على منوال أبيه وأخويه فى الإنصاف والكرم. وهذا غير من وظّف منهم ومن أقاربهم ناظرا أو حاكم خط.
وفيها نخيل كثير ولهم قصور ومناظر ومضايف مشيدة وحدائق وسواق، ولهم كرم زائد، ويقال: إن الرغيف عندهم يخرج من ربع ويبة قمحا.
وفى هاتين القريتين وما جاورهما يوجد جياد الخيل الكحائل ككثير من بلاد مصر، وذلك أمر قديم فى هذه الديار كما ذكر ذلك الكندى وغيره.
قال الكندى: وبمصر نتاج الخيل والبغال والحمير يفوق نتاج سائر البلاد، وليس فى الدنيا موضع فرس يشبه العتق إلا فرس مصر، ولا يوجد فى الدنيا فرس يردف إلا فرس مصر؛ بسبب ارتفاع صدره.
وكانت الخلفاء ومن تقدمهم يؤثرون ركوب خيل مصر على غيرها؛ فإنها تجمع فراهة العنق مع اللحم والشحم، وذكر أحمد بن حمدان أن الوليد بن عبد الملك بن مروان أمر أن تجرى الخيل، فكتب إلى كل بلد أن يتخير له خير الخيل بها، فلما اجتمعت عنده عرضت له فمرّت به خيول مصر فرآها رقيقة العصب، ثم تأملها فوجدها لينة