توفى بأدفو سنة سبع وتسعين وستمائة، وكان مسنا ويمشى إلى الضعفاء والرؤساء يطبهم بغير أجرة، وكان من أهل المكارم والمروءة والفتوة واسع الصدر كثير الاحتمال يأتى إلى الجماعة أقاربة فيسمعهم يشتمونه فيرجع ويأتى من طريق أخرى حتى لا يفهموا أنه سمعهم انتهى.
وفى زمن العزيز محمد على بنى بأدفو قشلاق صغير لإقامة العساكر الباش بزوك وهو الآن محل إقامة ناظر القسم فهى رأس قسم، وبها قاض ولها سوق يقام كل أسبوع يباع فيه بضائع تلك الجهات والمواشى الكبيرة والصغيرة، وبها نخيل ومساجد وأشجار وأرحية وأنوال ومعمل دجاج، وأرضها مشهورة بجودة المحصول بسبب ترعة الرمادى المنشأة فى عهد العزيز المذكور، وكانت قبل ذلك قحلة مملوءة بالحلفاء ونحوها، وفى مقابلتها فى البر الشرقى قرية الرادسية وجبل السلسلة واقع بين هذه المدينة ومدينة أسوان، ويقال: إنه فى الأصل جبل واحد كان معترضا أمام النيل كالشلال فقطع وصار مرور النيل فى وسطه فكان كجبلين يكتنفان النيل، واسمه مأخوذ من سلسلة من الحديد كانت معترضة بين الجبلين لمنع مراكب النوبة من الدخول، وعندها كانت تؤخذ العوائد المقررة على المراكب، وظن بعضهم أن اسمه مأخوذ من صورة الجبال التى هناك؛ لأن الجبال الشرقية تتصل عنده بالجبال الغربية كالسلسلة يتصل بعضها ببعض، وبهذا الجبل المحاجر العظيمة التى قطع منها أغلب التماثيل العتيقة التى بالكرنك وآبو (١) وغيرهما، وقد جعل أغلب مغاراته معابد ومقابر وبعضها سابق على العائلة الثامنة عشرة من الفراعنة.