وإطفيح الآن بندر القرى المجاورة لها، وهى رأس قسم من مديرية الجيزة، وبها وكالة يبيت بها بعض الطارئين ودكاكين قليلة يباع بها بعض العقاقير والأقمشة، وفى زمن العزيز المرحوم محمد على كانت محل إقامة المأمور، وأولا كان شرق إطفيح من الأقاليم الوسطى، ثم أضيف إلى مديرية الجيزة فى سنة ١٢٥٠ هـ وسبب اضمحلال تلك المدينة وتطرق أيدى الخراب إليها قبل العائلة المحمدية وكذلك ما حواليها من أعمالها، هو قربها من الجبل، فكانت عرضة لإغارات العرب للسّلب والتخريب، وفى زمن المماليك والصناجق كانت مركزا للمطرودين والأشرار فأهلكوا منها الحرث والنسل، ولما أنعم الله تعالى على الديار المصرية بالعزيز وخلص هذه الديار من الأشرار وطرد منها المماليك وغيرهم من المفسدين، التفت إلى عمارية تلك البلاد فعمل فى جميع القطر أعمالا جليلة وآثارا جميلة أورثته ثروة ونال شرق إطفيح من ذلك حظا وافرا، فإنه فضلا عن تأمينه من الغارات وغيرها قد أنشأ له ترعة الكريمات الشهيرة بترعة شرق إطفيح وجعل فمها من الكريمات وطولها نحو ستة عشر ألف قصبة وجعل/فيها عدة فروع لكل حوض فرع لرى أرضها، وجعلت بها جملة قناطر وأحدثت هناك جملة جسور، فحصل بذلك صلاح أحوال الزراعة بتلك النواحى وعمار بلادها سنة بعد سنة حتى وصلت إلى الحالة التى هى عليها الآن، إلا أنه فى بعض السنين تنصّب على أرضها سيول جسيمة من أفواه الأودية التى بسفح الجبل، وربما حصل منها مضرأت فلو عملت ترع لصرف تلك السّيول كما كان يعمل سابقا لكان من محاسن الأوضاع، وقد حصل التصميم من الخديو إسماعيل باشا على جعل ترعة الكريمات تجرى صيفا وشتاء، وتمتد إلى أن تمر خلف القاهرة بين القلعة والجبل حتى تمر من تحت الترعة الإسماعيلية، لتروى منها بلاد مديرية القليوبية حتى فى زمن الصيف ولم تعمل إلى الآن-أعنى سنة ١٣٠٥ هـ -، ولو تمت هذه الترعة لكان قد أهدى إلى القاهرة وإلى أهالى تلك الجهات هدية تدعوهم إلى إدامة الثناء عليه والدعاء له ولأنجاله بتخليد دولتهم، لأنها تكون نفعا صرفا لبلاد إطفيح إلى ما وراء بلاد القليوبية، وتتحلى مدينة القاهرة فى جهتها القبلية والشرقية بالبساتين والعمارات، وتتخلص من مضرات التلول السبخة المرتفعة على مساكنها من هاتين الجهتين، سيما فى وقت الحر ووقت هبوب الريح وليست هذه بأول مزاياه ومحاسن أفكاره بارك الله فيه وفى أنجاله.