ففى خطط المقريزى عند الكلام على فضائل مصر قال يزيد بن حبيب: إن قرية هاجر هى باق التى عندها أم دنين (قلت) وأم دنين هى التى محلها الآن أولاد عنان بالطرف الشمالى الغربى لقاهرة مصر عند قنطرة الليمون انتهى.
وعند أم دينار فى الجسر الأسود قناطر صرف مياه الصعيد ويصاد عندها السمك بكثرة زمن فتح القناطر، وممن تربى من هذه القرية فى ظل العائلة المحمدية حضرة خلف الله أفندى قبودان، انتظم فى سلك العساكر البحرية وهو فى سن المراهقة سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف فتعلم فن البحرية، ثم جعل قبيارجيا فى صنعة تركيب الحبال وخرزها وتركيب الصوارى ونسج البليطوه من الليف ونحو ذلك، ثم تعين فى طاقم قرويت حربى يسمى شاهيد جهاد كانت اشترته حكومة مصر من حكومة الإنكليز، فسافر فيه إلى حرب موره مع سر عسكر العزيز إبراهيم باشا، ثم عاد وسافر فيه ثانيا مشحونا بتعيينات ومهمات حربية، ولما صار إنشاء قبوع نمرة واحد كان من ضمن عسكره وكانوا خمسة وأربعين ممن لهم معرفة بصنعة القبيارجية، ثم ترقى إلى درجة بلكنجى فوق القبيارجى بدرجتين، فسافر فيه فى حرب عكا وترقى فيه إلى رتبة باش ريس ثالث ثم إلى باش ريس ثانى، ثم فى سنة إحدى وخمسين جعل باش ريس أول نمرة واحد لأشغال الترسانة بورشة الأورمة، وهى صنعة جر الأثقال وإخراج المراكب إلى البر وإنزالها فى البحر ونحو ذلك، ولما صار نزول القبوع نمرة أحد عشر إلى البحر كان فى تركيب أورمته، وهى طقم المركب من حبال وصوارى وقلوع ونحوها.
وفى سنة ست وستين أخذ رتبة يوزباشى، وفى سنة إحدى وسبعين أخذ رتبة صولقول، ثم بعد نحو سنتين أخذ رتبة صاغقول أغاسى وجعل ملاحظ أشغال ورشة الأورمة، ولما أنشأ الخديو إسماعيل باشا فرويت وابور لطيف ووابور الصاعقة باشر تركيب أورمتها فجاءت فى غاية الإتقان وأنعم عليه برتبة البيكباشى، وذلك فى سنة خمس وثمانين كما أخبر بجميع ذلك عن نفسه وهو على ذلك إلى الآن.