وكان فى المينا عمارة متسعة بعيدة عن البحر بنحو فرسخين، بينها وبين البحر ثلاث جزائر منها اثنتان أرضهما متسعة منبسطة قليلة الزرع، وكان فيهما زمن الرومانيين شجر الزيتون، والثالثة عظيمة الارتفاع قليلة السعة.
وظن بعضهم أن مدينة بيرنيس هى القصير القديم، وأن اسم القصير مأخوذ من اسم قوص لأنها فى أوّل طريقها، وترد إليها بضائعها ثم تنتشر فى الجهات، لكن قد علمت أن بين بيرنيس والقصير مسافة.
وفى خطط أنطونان أن مدينة بيرنيس فى موازاة مدينة أسوان، وقسم الطريق الموصلة إليها إلى اثنى عشر يوما، وجعل طولها مائتى ألف خطوة وثمانيا وخمسين ألف خطوة، وجعلها غيره مائتى ألف وإحدى وسبعين ألف خطوة. وفى مؤلفات بلين أن هذا البعد مائتان وثمانية وخمسون ميلا.
وذكر بعضهم أن أقرب بعد بين قوص والبحر الأحمر أربعون ساعة بسير الجمل، وقدر الساعة ألفان وأربعون توازة، عبارة عن ألفين وخمسمائة استادة مصرية أو مقدونية.
وعلى ما اعتبره بلين من أن الميل ثمان غلوات يكون ذلك عبارة عن مائتين وخمسين ميلا، واستنتج من ذلك أن مدينة بيرنيس هى مدينة القصير وحرره.
وفى صحراء بيرنيس يوجد معدن النحاس ومعدن الزمرد وغيرهما، وهى صحراء عيذاب، وسيأتى الكلام عليها فى حرف الصاد مبسوطا، وكذا فى حرف العين يأتى الكلام على عيذاب، وعلى الطريق الموصلة من النيل إلى تلك الجهات.
ومما ينبغى التنبه له أن تلك المعادن لم يكن الاهتداء إليها قاصرا على الأجيال القريبة منا، بل كانت مستعملة فى الأعصر الخالية القديمة، فكانت تستخرج زمن الفراعنة قبل المسيح بألفى سنة، ووجد (جانبوليون) فى إحدى المغارات التى هناك وفى