وخمسة أشهر ونصف. وبعد موته بويع بالخلافة فى هذه المدينة أيضا ابنه الحاكم بأمر الله، وكان ذلك بعد الظهر من يوم الثلاثاء العشرين من رمضان، وسار إلى القاهرة فى يوم الأربعاء بسائر أهل الدولة، والعزيز فى قبة على ناقة بين يده، ودخل القصر قبل صلاة المغرب وأخذ فى جهاز أبيه.
وفى سنة أربع وخمسين وخمسمائة، بنى الملك الصالح طلائع بن رزيك على بلبيس حصنا من لبن.
وفى سنة أربع وستين وخمسمائة، تمكن الإفرنج من ديار مصر، وحكموا فى القاهرة، وركبوا المسلمين بالأذى العظيم، وتيقنوا أنه لا حامى للبلاد من أجل ضعف الدولة، وانكشفت لهم عورات الناس، فجمع مرى ملك الإفرنج بالساحل جموعا واستجد قوما قوى بهم عساكره، وسار إلى القاهرة من بلبيس بعد أن أخذها وقتل كثير من أهلها.
وفى سنة تسع وثمانين وخمسمائة، مات صلاح الدين، وتولى ابنه السلطان الملك العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان، وقد كان ينوب عن والده بمصر، وهو مقيم بدار الوزارة من القاهرة، فحصل بينه وبين أخيه الأفضل فشل أوجب سيره من مصر لمحاربته وحصره بدمشق، فدخل بينهما العادل أبو بكر حتى عاد العزيز إلى مصر على صلح فيه دخل، فلم يتم ذلك، وتوحش ما بينهما، وخرج العزيز ثانيا إلى دمشق، فدبر عليه عمه العادل حتى كاد أن يزول ملكه، وعاد خائفا، فسار إليه الأفضل والعادل حتى نزلا بلبيس فجرت أمور آلت إلى الصلح، وأقام العادل مع العزيز بمصر وعاد الأفضل إلى مملكته بدمشق. ولما تولى ابنه الملك المنصور ناصر الدين محمد، وعمره تسع سنين، قام بأمور الدولة بهاء الدين قرقوش الأزدى الأنابك، فاختلف عليه أمر الدولة، وكاتبوا الملك الأفضل، فقدم من صرخد فى خامس ربيع الأول، فاستولى على الأمور ولم يبق للمنصور معه سوى الاسم، ثم سار به من القاهرة فى ثالث رجب يريد أخذ دمشق من عمه العادل بعدما قبض على عدة من الأمراء، فجرت بينه وبين عمه حروب كثيرة آلت