جنان ونخيل فى الجهة القبلية، وأكثر أهلها مسلمون وتكسبهم من الزرع والتجارة، فمنهم من يتجر فى الغنم، ومنهم من يتجر فى الغلال، يتسوقون ذلك من الصعيد الأعلى ويوجهونه إلى مصر، وكثير منهم محترفون بمصر وبولاق، فمنهم شيخ ساحل بولاق، ومنهم البوابون بالخانات، وتجار الدخان والنشوق وغيره، وقل أن توجد حرفة شريفة أو وضيعة إلا وفيها ناس منها، ومنهم من يتجر فى محصولات الواحات مثل التمر والأرز والنيلة، بسبب أن منها طريقا إلى الواحات مسافتها ثلاثة أيام، فتنزل عليها محصولاتها كثيرا، ثم توجه إلى القاهرة وغيرها، لا سيما التمر بأنواعه مثل العجوة، التى توضع فى مقاطف طويلة من الخوص تسمى العجول، والتمر الناشف.
وكان لأهلها فى السابق ككثير من بلاد منفلوط شهرة بأكل الخلد، ويسمونه زغلول الغيط، ولهم مهارة فى صيده وفى صنعة طبخه، فيجعلون منه محمرا ومشويا وطواجن، ويقدمونه للضيوف فيحسبونه حماما، ومنهم من يبيعه. وذلك جائز عند المالكية إذا لم يصل إلى النجاسات، وإلا فلا يجوز أكله كفأر البيوت. وأما العرسة فلا تؤكل لما قيل أن أكلها يورث العمى، والخلد بتثليث الخاء المعجمة وسكون اللام، هو فار الغيط كما فى كتب اللغة.
وفى هذه البلدة تنسج أحرمة الصوف الأسود فتشبه فى الجودة أحرمة بلاد المغرب، وكذا ينسج بها ثياب الصوف الجيدة ذات الصفاقة مع الرقة، وأكثر من يغزله عندهم النساء-كما هو العادة القديمة أن الغزل للنساء والخياطة للرجال.
وهكذا تجد فى أهل هذه البلدة نوعا من التمسك بعوائد العرب، فإنهم قوم كرام، ذو همم علية وذكاء وفطنة وفصاحة، قيل إنهم من قبيلة بنى عدى القبيلة المشهورة القرشية.