للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقام بالسجن مدة ثم هرب ليلا واستمر فى عصيانه مدة طويلة وزاد فيه، والتفت عليه جماعة كثيرة من عرب الغربية فاحتال عليه ملك الأمراء خير بيك وأرسل له ولأخيه شكر منديل الامان، فأطاع أخوه وحضر إلى القاهرة فى يوم الأربعاء لعشرين من رجب صحبة القاضى فخر الدين فخلع عليه ملك الأمراء قفطان حرير ونزل مسرورا وتوجه ليحضر أخاه حسن فمضى إلى قليوب وصحبته القاضى بركات.

ولما علم شيخ العرب حسن بذلك مضى من يومه إلى القاهرة وعلى رأسه منديل الأمان وصحبته جماعة من الأمراء العثمانية وأمير اخور ملك الأمراء والزينى بركات المحتسب وكثير من العرب، وطلع القلعة/وقابل ملك الأمراء فقبله وخلع قفطانا مخملا بذهب ونزل فى موكب حافل، ومع ذلك فلم يرجع عن قبيح أفعاله بل أكثر الفساد فى الأرض، وزاد فى أذى المخلوقات، وكانت حكام الجهات تخافه وتودّ إعدامه، فاحتال عليه كاشف الغربية إينال السيفى طبرباى وعلى أخيه شكر، فعزم عليهما فى مكان بالقرب من سنهور، فنزلا عنده ونسيا ذنوبهما وقبيح أفعالهما وظنا أن لا يخونهما أحد فكان الأمر بخلاف ذلك كما قيل:

قالوا ترقب عيون الحى إن لها … عينا عليك إذا ما نمت لم تنم

فأقاما عنده ذلك اليوم ومدّ لهما مدة حافلة، ثم أحضر لهما سفرة الشراب فشربا ولما دخلا فى السكر هجم عليهما جماعة من المماليك الجراكسة، ممن كانوا عند إينال فعاجلوهما بالحسام قبل الكلام وقطعوا رؤوسهما وشفوا منهما الغليل حتى قيل: إن بعض المماليك شرب من دمهما، وبعضهم جزّل من لحمهما بالسيف وأحضرت رؤوسهما إلى القاهرة يوم الأربعاء، فرسم ملك الأمراء للوالى أن يعلقهما على باب النصر.

وقيل إن رأس حسن دخلوا بها ورأس شكر علقوها فى رقبة فرس السلطان طومان باى التى كان عليها عند القبض عليه فصادف أن هذا الفرس كانت تحت حسن بن مرعى عند القبض عليه فعد ذلك من النوادر، ويقال إن عيال السلطان طومان باى لما علقت رأس حسن وشكر على باب النصر أظهروا الفرح والسرور فى ذلك اليوم وأطلقوا الزغاريت وتخلقوا بالزعفران.