للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسينية، وكان يقيم به هو وجماعته لقربه من بيته، وكان ذا واردات وفيوضات وأحوال غريبة وألف كتبا عديدة، منها شرح على الجامع الصغير، وشرح على الحكم لابن عطاء الله، وشرح الإنسان الكامل للجيلى، وله مؤلف فى طريق القوم خصوصا فى طريق الخلوتية الدمرداشية، ألفه سنة أربع وأربعين ومائة وألف، وشرح على الصيغة الأحمدية وعلى الصيغة المطلسمية وله كلام فى التصوف، وكان إذا تكلم أفصح فى البيان وأتى بما يبهر الأعيان، وكان يلبس قميصا أبيض وطاقية بيضاء ويعتم عليها بقطعة شملة حمراء لا يزيد على ذلك ولا ينقص شتاء ولا صيفا وكان لا يخرج من بيته إلا فى كل أسبوع مرة لزيارة المشهد الحسينى وهو على بغلته وأتباعه بين يديه يعلنون بالتوحيد والذكر وربما جلس شهورا لا يجتمع بأحد من الناس، ولما عقد الذكر بالمشهد الحسينى فى كل يوم ثلاثاء قامت عليه العلماء وأنكروا عليه ذلك لما كان يحصل من التلويث فى الجامع لأنهم كانوا يأتون فى الغالب حفاة ويرفعون أصواتهم، وقرب أن يتم لهم منعه بواسطة بعض الأمراء تصدى لهم الشيخ الشبراوى وكان شديد الحب فى المجاذيب وانتصر له وقال للباشا والأمراء هذا الرجل من كبار العلماء والأولياء فلا ينبغى التعرض له، وحينئذ أمره الشيخ الشبراوى أن يعقد درسا بالأزهر فعقد درسا بالطيبرسية وحضره غالب العلماء وقرر لهم ما بهر عقولهم فسكتوا عنه وخمدت نار الفتنة.

ومن كراماته أنه كان يتوّب العصاة من قطاع الطريق ويردّهم عن حالهم حتى يصيروا من المريدين له، وكان تارة يربطهم بسلسلة من حديد فى مسجد الظاهر، وتارة يضع طوقا من حديد فى أعناقهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه، وكان إذا ركب ساروا خلفه بالعصىّ والأسلحة وكانت عليه مهابة الملوك وإذا ورد المشهد الحسينى يغلب عليه الوجد فى الذكر حتى يصير كالوحش النافر، وإذا جلس بعد الذكر تراه فى غاية الضعف، ولما كان بمصر الوزير مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره فقال له إنك ستطلب إلى الصدارة فى الوقت الفلانى فكان كما قاله، فلما ولى الصدارة بعث فى مصر وبنى له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلا ومكتبا وقبة وبداخلها مدفن للشيخ على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة وكان موته فى سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف ولما مات خرجوا بجنازته إلى الجامع الأزهر وصلى عليه هناك فى مشهد حافل ودفن بالقبر الذى بنى له بمسجده المعروف به انتهى.