عشر الشهر أمر الأرنؤد فخرجوا إلى ناحية السبتية والخندق وحالوا بينه وبين بولاق ومصر، ثم أرسل إليه الباشا يقول له إما أن تستمر على الطاعة وتطرد عنك هذه اللموم، وإما أن تذهب إلى بلادك وإلا فأنا محاربك فدخله الخوف وانحلت عزائم جيشه وتفرق الكثير منهم، وبعد الغروب ركب، ولم يعلم عسكره أين يريد فركب الجميع واشتبهت عليهم الطرق فى ظلام الليل، وكانوا ثلاثة طوابير فسار هو بفريق منهم إلى ناحية الجبل على طريق خلف الجرة وفرقة سارت إلى ناحية بركة الحج والثالثة ذهبت فى طريق القليوبية وفيهم أبوه، ولما علموا انفرادهم عنه رجعوا متفرقين فى النواحى، ولم يزل هو سائرا حتى نزل فى التبين واستقر بها وأما أبوه فقد التجأ إلى الشواربى شيخ قليوب، فأخذ له أمانا وأحضره إلى الباشا ثانى يوم فألبسه فروة سمور وأمره أن يلحق بابنه.
وفى يوم الإثنين ثلاث وعشرين من الشهر عين الباشا طائفة من العسكر وجملة من عرب الحويطات لمحاربة ياسين بيك، وكان ياسين عند نزوله بالتبين قد نهبها وما جاورها من البلدان مثل حلوان وطرا والمعصرة والبساتين وفعل بها عساكره الأفاعيل الشنيعة فأخذوا نساءها وأموالها وغلال الأجران وكلفوهم الكلف الشاقة ومن عجز عن شئ من مطلوباتهم أحرقوه بالنار، ولما استشعر بمجئ العساكر والعرب لقتاله ومحاربته ارتحل بمن معه إلى صول والبرنبل، فرجع العساكر من ورائه، ثم سافر إلى ناحية المنية فالتقى معه الأمراء المصريون وكان الباشا قد أمرهم بمحاربته وتعويقه فقاتلوه فى عشر من شهر القعدة فانهزم منهم ودخل المنية.
وكان العزيز قد عين لمحاربته بونبرت الخزندار، وسليمان بيك الألفى فوصلوا إلى المنية فى مستهل شهر ذى الحجة وفى عشرين منه حصل بينه وبين سليمن بيك وقعة عظيمة انهزم فيها ياسين بيك وولى هاربا إلى البلد فتبعه سليمن بيك فى قلة وعدى الخندق خلفه، فأصيب من كمين بداخل الخندق ووقع ميتا بعد أن نهب جميع متاع ياسين بيك وأحماله وأثقاله وتشتت جموعه، فانحصر هو ومن بقى من عساكره وعربه بداخل المنية فلما ورد الخبر على الباشا أظهر الغم على سليمن بيك وأقام العزاء عليه خشداشيه بالجيزة، وبعد ذلك بقليل ورد الخبر بأن بونبرت الخزندار وصل المنية بعد الوقعة، ودعا ياسين بيك إلى الطاعة وأطلعه على المراسيم/والمكاتبات التى بيده من