عبدى باشا مدير المدارس إذ ذاك لرسم جهة الطور والطرق الموصلة إليه لاختيار المحل الذى يليق أن يبنى به القصر الذى عزم على بنائه المرحوم عباس باشا فى تلك الجهة.
وفى تلك السفرة تعين أيضا مع الباشا المذكور ومعهما مصطفى بيك المجدلى الكيماوى، ورزق أفندى ورجب أفندى المعدنجى لكشف معدن الحجر الفحمى الذى أخبرت به العرب المرحوم عباس باشا، فساروا على الإبل من دير الطور إلى جبل أبى طريقة مع خبراء من عرب جبل الطور فى وديان فوصلوا فى مسافة يوم إلى المكان الموصوف، فأطلعهم العرب على حصى أسود مثل الفول والبندق واللوز بين طبقات حجر رملىّ وبمشاهدتها علموا أنها ليست فحما ولا تشبه الفحم، ودير الطور محل به مسجد وكنيسة أقباط وعدد وافر من الرهبان بينه وبين طور البحر مسيرة يومين فى طريق سهلة أصلحتها فرقة من العساكر نحو ألف عسكرى فى ظرف نحو ستة أشهر بأمر المرحوم عباس باشا، وهى فى واد يعرف بوادى حميران، به ماء عذب ونخيل وأشجار وجبل المناجاة مرتفع شاهق طبقات بعضها فوق بعض يتوصل إلى أعلاه بالصعود من طبقة إلى أخرى، وفى إحدى الطبقات شجرة عتيقة تعرف هناك بشجرة مريم وفى أعلى الجبل يوجد الثلج الجامد فى الأماكن المنزوية عن الشمس وتجاه هذا الجبل جبل الزياتين لكثرة شجر الزيتون بأسفله، وكذا شجر الكمثرى والجوز والمشمش، وبأعلاه الثلج الجامد أيضا، وكانوا يكسرون منه بالمعاول ويحملونه إلى القاهرة كالصخر.
وهذا الجبل هو الذى أراد المرحوم عباس باشا بناء القصر فوقه وبينه وبين جبل المناجاة نحو ألف متر فى أرض الوادى وقد أخذت جميع تلك الأوصاف من إملائه، وفى تلك المأمورية أيضا تعين لعمل مقايسة لبناء حمام موسى وحمام فرعون، وصدر أمر المرحوم ببناء الأول دون التانى.
وفى سنة ثلاث وسبعين أخذ رتبة صاغقول أغاسى بمرتب ألف قرش، وفى سنة خمس وسبعين أخذ رتبة البيكباشى وكانت يومئذ إدارة الهندسة تابعة لديوان الداخلية، وفى سنة ثمان وسبعين تعين فى مأمورية عمارة الجامع الأحمدى والأوقاف التابعة له، وفى سنة ثمانين استقر فى وكالة تفتيش هندسة النصف الأول من وجه قبلى تحت رياسة المرحوم ثاقب باشا.