للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشفاء والصحيح على القاضى سعد الدين بن الديرى، وكتب الخط المنسوب، وعرف بمزيد الذكاء وأذن له غير واحد بالإقراء والإفتاء وتصدى لذلك فى حياة كثير من مشايخه، حتى كان المحلى يرسل له الفضلاء للقراءة عليه فى تصانيفه وغيرها ونوّه هو/والمناوى به جدا بل كان المناوى يناوله الفتوى ليكتب عليها واستنابه فى القضاء فى ولايته الأولى فباشر ذلك قليلا ثم تعفف عن ذلك، هذا مع اشتغاله معظم عمره بالتكسب فى بعض الحوانيت بسوق الشرب، وحمد العقلاء صنيعه فى ترك القضاء، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى وصار بأخرة شيخ القاهرة، واتسعت حلقته جدا سيما حين تحوّل للمؤيدية ثم الجامع الأزهر.

وكتب على عمدة السالك لابن النقيب شرحا فى جزء سماه «تسهيل المسالك فى شرح عمدة السالك» وكذا على الإرشاد مختصر الحاوى لابن المقرى، وعلى شذور الذهب مطولا ومختصرا وشرح قصيدة الهمزية للبوصيرى فى مطول ومختصر والمنفرجة وغير ذلك من نظم ونثر.

وكان كثير الفتاوى مع عدم التأنى وربما ينبه على ما يقع له فيها وفى تصانيفه من المخالفات فلا يكاد يرجع ويبرهن على ما تورّط فيه ولكنه كان حسن العشرة كثير التودد والتواضع والامتهان لنفسه، غير متأنق فى سائر أموره بحيث لا يتحاشى عن المشى فيما كان الأولى الركوب فيه ولا يأنف مراجعة الباعة فيما يجد من يتعاطاه عنه، ولا يمتنع من الجلوس فى مطبخ السكر بحضرة اليهود وغيرهم إلى غير ذلك مما تأخر به عند من لم يتدبر.

ولعل قصده كان جميلا سيما وعنده نوع فتوّة وإحسان وبذل همة فى مساعدة الغرباء وحج غير مرة، وكان فى صوفية المؤيدية قديما ثم رغب أن يكون فى طلبة الحسامية والشريفية مما كان اللائق به الترفع عنه، بل تهالك فى السعى فيهما، ودرس الفقه بالظاهرية القديمة بالمدرسة الجانبكية بالقربيين، وبمدرسة أم السلطان وبالقطبية برأس حارة زويلة وبالجقماشية بعد واقفها وبالمؤيدية سوى ما كان باسمه من أطلاب واعادات وأنظار ونحوها، ولم يمتنع من النيابة فى تدريس الحديث بالكاملية عمن علم غصبه له عن مستحقه.

وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله، ومات شبه الفجأة سنة تسع وثمانين