فقال له إنه لا يمنعنى نصحى لك عزله إياى، ولقد عزلنى عن غير وهن ولا عجز، فاحفظ ما أوصيك به يدم صلاح حالك.
دع معاوية بن حديج ومسلمة بن مخلد وبسر بن أرطأة ومن ضوى إليهم على ما هم عليه لا تكفهم عن رأيهم، فإذا أتوك ولن يفعلوا فاقبلهم وإن تخلفوا عنك فلا تطلبهم، وانظر هذا الحى من مضر فأنت أولى بهم منى، فألن لهم جناحك، وقرّب عليهم مكانك، وارفع عنهم حجابك.
وانظر هذا الحى من مدلج فدعهم وما غلبوا عليه يكفوا عنك شأنهم، وانزل الناس من بعد على قدر منازلهم فإن استطعت أن تعود المرضى وتشهد الجنائز فافعل، فإن هذا لا ينقصك ولن تفعل، إنك والله ما علمت لتظهر الخيلاء وتحب الرياسة وتسارع إلى ما هو ساقط عنك والله موفقك.
فعمل محمد بخلاف ما أوصاه به قيس فبعث إلى ابن حديج والخارجة معه يدعوهم إلى بيعته فلم يجيبوه، فبعث فى دور الخارجة فهدمها ونهب أموالهم وسجن ذراريهم، فنصبوا له الحرب وهموا بالنهوض إليه، فلما علم أنه لا قوة له بهم أمسك عنهم ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية، وأن ينصب لهم جسر انطقيوس يجوزون عليه ولا يدخلون الفسطاط ففعلوا ولحقوا بمعاوية.
فلما اجتمع على ﵁ ومعاوية على الحكمين أغفل على أن يشترط على معاوية أن لا يقاتل أهل مصر، فلما انصرف على إلى العراق بعث معاوية ﵁ عمرو بن العاص فى جيوش أهل الشام إلى مصر، ودخل عمرو بأهل الشام الفسطاط، وتغير محمد بن أبى بكر فأقبل معاوية بن حديج فى رهط ممن يعينه على من كان يمشى فى قتل عثمان، وطلب ابن أبى بكر فدلت عليه امرأة فقال احفظونى فى أبى بكر فقال معاوية قتلت ثمانين رجلا من قومى فى عثمان وأتركك وأنت صاحبه فقتله، ثم جعله فى جيفة حمار ميت فأحرقه بالنار فكانت ولاية محمد بن أبى بكر خمسة أشهر ومقتله لأربع عشرة خلت من صفر سنة ٣٨ هـ. انتهى.