للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بشارع الأمشاطية المذكور من الأسواق القديمة سوق الشماعين وسوق الدجاجين، فسوق الشماعين - كما فى خطط المقريزى - هو من الجامع الأقمر إلى سوق الدجاجين، وكان يعرف فى الدولة الفاطمية بسوق القماحين، وعنده بنى المأمون بن البطايحى الجامع الأقمر، وبنى تحته دكاكين ومخازن، فكان معمور الجانبين بحوانيت يباع فيها الشموع الموكبية والفانوسية والطوافات، لا تزال حوانيته مفتحة إلى نصف الليل، وكان يجلس به فى الليل بغايا يقال لهن زعيرات الشماعين، لهن سيما يعرفن بهاوزى يتميزن به.

وكان يعلق بهذا السوق الفوانيس فى موسم الغطاس، فتصير رؤيته فى الليل من أنزه الأشياء وكان به فى شهر رمضان موسم عظيم لكثرة ما يشترى ويكترى من الشموع الموكبية التى تزن الواحدة منهن عشرة أرطال فما دونها، ومن المزهرات العجيبة الزىّ المليحة الصنعة، ومن الشمع الذى يحمل على العجل، ويبلغ وزن الواحدة منها القنطار وأزيد. كل ذلك برسم ركوب الصبيان لصلاة التراويح، فيمر فى شهر رمضان من ذلك ما يعجز البليغ عن حكاية وصفه.

وسوق الدجاجين كان مما يلى سوق الشماعين إلى سوق قبو الخرنفش، وكان يباع فيه الدجاج والأوز والعصافير والطيور المتنوعة كالقمارى والهزارات والشحارير والببغاوات والسمان.

قال المقريزى: وكنا نسمع أن من السمان ما يبلغ ثمنه المئات من الدراهم، وكذلك بقية طيور المسموع يبلغ الواحد منها نحو الألف لتنافس الناس فيها. وقد أطال فى وصف ما به من الطيور، ثم قال وكان بهذا السوق قيسارية عملت سوقا للكتبيين ولها باب من وسط سوق الدجاجين وباب من الشارع الذى يسلك فيه من بين القصرين إلى الركن المخلق المعروف الآن بشارع التنبكشية وكان يعرف قديما بسوق الحصريين وكان سوق الكتبيين أولا بمصر الفسطاط وبقى منه بقايا إلى سنة ثمانين وسبعمائة ثم نقل إلى تلك القيسارية.