للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدفن فيه الخلفاء أولادهم ونساءهم. وكانت تعرف بتربة الزعفران، وهو مكان كبير من جملته الموضع الذى يعرف اليوم بخط الزراكشة العتيق (الذى محله الآن خان الخليلى).

ولما أنشأ الأمير جهاركس الخليلى خانه المعروف به فى الخط المذكور أخرج ما شاء الله من عظامهم، فألقيت فى المزابل على كيمان البرقية، وكانت تمتد من هناك إلى حيث المدرسة البديرية خلف المدارس الصالحية النجمية، وكان للخلفاء عوائد ورسوم، منها أن الخليفة كلما ركب بمظلة وعاد إلى القصر لابد أن يدخل إلى زيارة آبائه بهذه التربة، وكذلك لا بد أن يدخل فى يوم الجمعة دائما وفى عيدى الفطر والأضحى مع صدقات ورسوم تفرق.

ولما كانت الشدة العظمى فى أيام الخليفة المستنصر بالله، وطلب الأتراك منه النفقة فماطلهم هجموا على التربة المعزية، وأخذوا ما فيها من قناديل الذهب، وكانت قيمة ذلك مع ما اجتمع إليه من الآلات الموجودة هناك، مثل المجامر وحلى المحاريب، خمسين ألف دينار. (اه. ملخصا).

قلت: والذى دفن من الخلفاء الفاطميين بهذه التربة المعز لدين الله دخل إلى مصر سنة ثلاثمائة وإحدى وستين بعد بناء القاهرة بسنة، ثم الظاهر بدين الله على ابن الحاكم يكنى بأبى الحسن، عمره ثنتان وثلاثون سنة، وولايته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر، ثم المنتصر بالله أبو عامر، عمره سبع وعشرون سنة، وولايته سبع سنين وشهر واحد، ثم الآمر بأحكام الله، عمره ثمان وثلاثون سنة وسبعة أشهر، وولايته سبع سنين وشهر واحد، ثم المستنصر أبو العباس، ودولته أربعون سنة، وفى أيامه وقع الغلاء بمصر، ووقع الخراب بها، وخرّبت خططها، بلغ الإردب فى زمنه سبعين دينارا، ولم يكن فى الفاطميين أشنع سيرة منه.

قال ابن دحية: ليس هو بالمستنصر، وإنما هو البطّال المستهتر، أكل الناس فى زمنه بعضهم.

وبهذه التربة أيضا الآمر بالله المستعلى، عمره ثمان وثلاثون سنة وتسعة أشهر، ودولته عشرون سنة، وبها الظافر والعائذ استخلفه أبوه الظاهر، وكان عمره حين استخلفه خمس سنين، مات وعمره إحدى وعشرون سنة، وكانت ولايته إحدى عشرة سنة وخمسة شهور.

وبها العاضد، عمره تسع وأربعون سنة، وفى زمنه اختلّت الأمور. وبها ابنه حامد، وهو آخر من بها.

وكان بقرب هذه التربة القصر النافعى. قال المقريزى: كان يقرب من التربة من جهة السبع خوخ، وكان فيه عجائز من عجائز القصر وأقارب الأشراف، ثم قال: وموضع هذا القصر اليوم فندق المهمندار الذى يدقّ فيه الذهب، وما فى قبليه من خان منجك ودار خواجا