فأول محطة قابلتنا محل، يقال له يانقوس، على مسافة نحو خمس ساعات بالسير المتوسط فى طريق تمرّ على أم كلو، وفى زمن الصيف لا يوجد بتلك الطريق ماء، وإنما يوجد قليلا فى يانقوس فقط. وهذا الاسم يطلق على هذا المحل، وعلى الجبال المجاورة له، وعلى النهر المار هناك الناشئ من السيل، وعلى الوادى الذى هو به.
وبهذه المحطة توجد سباع ضارية على المياه التى بها، ويوجد هناك حيوانات أصغر من الذباب تطير فى الهواء، لها ضياء ساطع جدا فى الليالى المظلمة بحيث يقرأ الخط على نورها. وطريق تلك المحطة يأخذ دائما فى الارتفاع، حتى أن المحطة مرتفعة عن مصوع نحو مائتى متر، والجبال هناك شاهقة يبلغ ارتفاعها من مائة متر الى مائة وخمسين مترا.
ثم سرنا إلى محطة بعرزة على نحو ست ساعات بالمشى السريع، وارتفاعها عن مصوع نحو ستمائة متر. وهى محل ردئ الهواء تكثر فيه الأمراض، وتكتنفه جبال شاهقة يبلغ بعضها ثلثمائة متر، ويمر هناك نهر، يسمى نهر بعرزة، وقد أنشئت هناك طابية عظيمة جسيمة على رأس الجبل. وقبل الوصول إليها بنحو ساعة واد متسع، يقال له إنباتو، كان يزرع به قليل من الذرة، ويأتى الماء إلى تلك المحطة من واد، يقال له سكيت، مرتفع عن مصوع بنحو أربعمائة وخمسين مترا، وفيه توجد الحلاليف والغزلان وبقر الوحش والطيور كثيرا-كما يوجد فى الوديان غالبا-، وبهذه المحطة أنشئ ثلاث طواب فوق الجبال، وقد وصل تركيب الخط التلغرافى الحربى إلى هذه المحطة.
ثم سرنا إلى محطة عدرسة، وهى على نحو سبع ساعات بالسير المتوسط، وجميع طريقها ممر للسيول، وتحيط بها جبال شاهقة جدا، فيها مغارات طبيعية، وبعض شلالات طبيعية أيضا عجيبة المنظر وحجرها أزرق. وفيها عقبة يقال لها عقبة منبه، أسفلها أعلى من مصوع بنحو ألف متر، وارتفاعها نفسها نحو ثلثمائة متر، مع استقامة جبلها، فلذا كان صعودها والهبوط منها فى غاية من الصعوبة-حتى أن مواشى الحملة التى كانت مع الجردة مات أغلبها بها-، وارتفاع المحطة نفسها عن مصوع نحو ألف وثلثمائة وخمسين مترا، وتحيط بها الجبال من كل جهة، ومع ذلك فيها ماء عذب، وقد أنشئ فيها طابية، وهناك جبال القرود، فيها هذا الحيوان بكثرة. قال: وقد نظرت فيه فوجدت دفعة واحدة نحو ثلاثة آلاف قرد.