للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل إن هذه القبّة بناها الملك الغورى للآثار النبوية التى منها مصحف بخط أمير المؤمنين عثمان بن عفان، قيل إنه هو الذى كان أمامه لمّا قتل وعليه دمه، قال الشيخ حسن بن حسين المعروف بابن الطولونى الحنفى المولود سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة فى كتابة «النزهة السنية فى أخبار الخلفاء والملوك المصرية (١)»، عند ذكر الملك الأشرف أبى النصر قانصوه الغورى؛ وقد جدّد مولانا السلطان - عز نصره - للمصحف العثمانى الذى بمصر المحروسة بخط مشهد الحسين جلدا بعد أن آل جلده الواقى له إلى التلف والعدم، ولمكثه من زمن سيدنا عثمان إلى يومنا هذا، فألهم الله تعالى مولانا المقام الشريف - خلّد الله ملكه - بطلبه إلى حضرته بالقلعة الشريفة، ورسم بعمل الجلد المعظم المتناهى فى عمله لاكتساب أجره وثوابه، وأن يعمل له وقاية من الخشب المنقوش بالذهب والفضة وأنواع التحسين، وبرز أمره الشريف بعمارة قبة معظّمة تجاه المدرسة التى أنشأها بخط الشرابشيين بسوق الجمالون وسوق الخشيبة (٢)، بمباشرة الجناب العالى الأميرى الفاضلى السيفى ثانى بيك الخازندار، وناظر الحسبة الشريفة، وما مع ذلك، وأن تكون القبة المعظمة المأمور بعملها - إن شاء الله تعالى - مناظرة فى الحسن والإتقان لما سبق كما رتّبها بنظره الشريف، ليكون فيها ما خصّه الله تعالى به من تعظيمها بالمصحف العثمانى، والآثار الشريفة النبوية، وغير ذلك من مصاحف، وربعات. (انتهى).

وهذه القبّة موجودة إلى الآن، وتعرف بمدفن الغورى، وقد حصل بها بعض تشعيث وتخريب، وبقيت كذلك مدة إلى أن جعل محمود باشا الشهير «بالبارودى» ناظرا على الأوقاف، فشرع فى ترميمها، وكلّف مهندسى الأوقاف بعمل رسم لذلك، حتى ترجع كأصلها بلا زيادة ولا نقص، فاهتمّوا فى ذلك، وعملوا الرسم، وقرّروا بشراء الدكاكين المزاحمة لبابها المشرف على الشارع، ثم شرعوا فى العمل، فجدّدوا سقف الإيوان، وعملت القبّة من البغدادلى، والشبابيك من الخشب عوضا عن الشبابيك الجبس، لأن أغلبها كان قد تهدّم ووقع، وعما قريب تتم إن شاء الله تعالى.


(١) هذا الخبر لم نجده فى نسخة «النزهة السنية» المطبوعة بالجوائب ولا فى نسختين مخطوطتين منها بدار الكتب المصرية إلى أن وقفنا على ذيل خطط المقريزى لعبد الحميد بك نافع فرأيناه مذكورا بها نقلا عن «النزهة السنية» المذكورة. فلعله اطلع عليه فى نسخة منها كانت عنده، ولعل المؤلف اطلع على هذا الذيل فنقل منه هذه العبارة والله أعلم. (أنظر ص ٥٦ من ذيل خطط المقريزى رقم ١٩٠ بلدان). أحمد تيمور
(٢) سوق الخشيبة تصغير خشبة. سمى بذلك لخشبة. كانت على بابه تمنع الراكب من الوصول إليه ويسمى أيضا بسوق البخانقيين. (انظر خطط المقريزى ج ٢ ص ١٠٣ - ١٠٤). أحمد تيمور