للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاستكثار، وولى تدريس التفسير بالجمالية سنة سبع وعشرين ثم مشيخة التصوف بها سنة ثلاث وثلاثين.

وكانت له بالسلطان جقمق قبل سلطنته خصوصية؛ بحيث إنه كان وهو أمير اخور يجيئه إلى بيته ويأكل عنده، فلما تسلطن لازمه جدا وانقطع إليه، فولاه سنة اثنتين وأربعين وكالة بيت المال ثم فى التى تليها نظر الكسوة، وحينئذ هرع الناس إليه للتوسل به عنده، ودخل فى قضايا فأنهاها وصارت له عند من دونه الكلمة النافذة والشفاعة المقبولة، فتزايدت فخامته وارتفعت مكانته وأقبلت عليه الدنيا بسبب ذلك من كل جانب من القضاة والمباشرين والترك فضلا عمن دونهم، فأثرى جدا وكثرت أمواله، وقرره السلطان أيضا فى نظر البيمارستان المنصورى فى ربيع الآخر سنة تسع وأربعين فازداد وجاهة وعزا، واجتهد فى عمارته وعمارة أوقافه والحث على تنمية مستأجراته وسائر جهاته حتى الأحكار، وكذا اجتهد فى عمارة الجمالية وأوقافها وتحسين خبزها والزيادة فى معاليم صوفيتها ومستأجراتها، ودرس بالمدرسة الصلاحية المجاورة للشافعى حيث وليها مع النظر بعد القاياتى، بل استقر فى القضاء الأكبر بعد العلم البلقينى وباشره بحرمة ومهابة وصولة زائدة، وشدد فى أمر النواب، وابتكر جماعة من الفضلاء وارتدع به المباشرون والجباة ونحوهم، فخافه الكبير والصغير والشريف والحقير ولم يستطع أحد مراجعته.

قال: وتعدى حتى تعرض لولد شيخنا بالترسيم وغيره؛ قصدا لإبعاده عن المنصب لينفرد به، وعمل شيخنا حينئذ جزءا سماه ردع المجرم، وانتزع منه تدريس الصالحية ونظرها، إلى أن حاق فيه السم القاتل وذاق مرارة حنظله فى المقاتل، فكان أول مبادئ انحطاط قدره وارتباط المحن بجانب قدره سنة اثنتين وخمسين، ولم يلبث أن مرض فى آخر يوم الاثنين ومات فى يوم الثلاثاء مستهل ذى الحجة سنة أربع وخمسين، وصلى عليه المناوى بالأزهر، ودفن بتربة أقاربه الأسيوطيين فى ناحية باب الوزير .