هذه، اقتتلوا فيها قتالا شديدا ثم هزمهم الله. وذكر فى موضع آخر من هذا الباب عن يزيد بن أبى حبيب أن عمرا سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطيا وسخا فتفرقوا وبلغ أولهم المدينة حين نقضوا، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردهم فرد من وجد منهم، وفى رواية أن عمر بن الخطاب ﵁ كتب فى أهل سلطيس خاصة: من كان منهم فى أيديكم فخيروه فى الإسلام فإن أسلم فهو من المسلمين، له مالهم وعليه ما عليهم، وإن اختار دينه فخلوا بينه وبين قرينه، وكان البلهينى خير يومئذ فاختار الإسلام، وفى رواية أن أهل سلطيس وصا وبلهيب ظاهروا الروم على المسلمين فى جمع كان لهم، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم وقالوا: هؤلاء لنا فئ مع الإسكندرية، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر بن الخطاب أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين وتضرب عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوة للمسلمين على عدوهم، ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا ففعل ذلك، ويقال إنما ردهم عمر ﵁ لعهد كان تقدم لهم، انتهى.
وقد فتشت على صورة هذا العهد فلم أعثر عليها بعينها، وفى كثير من الكتب صور عهود ومواثيق كانت تؤخذ للنصارى وعليهم، فمن ذلك ما وجدته فى الجلد التاسع من جرنال آسيا، المؤلف فى سنة ألف وثمانمائة واثنتين وخمسين مسيحية، من صورة عهد أخذ على نصارى العرب فى عهد النبى ﷺ لا بأس بسوقها هنا؛ لما فيها من الفوائد ونوع المناسبة ونصها:
بسم الله الرّحمن الرّحيم روى أبو داود أن النبى ﷺ صالح أهل نجران على ألف حلة، النصف فى صفر والنصف فى رجب، يؤدونها على المسلمين، وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح، يغزون بها المسلمين ضامنون لها حتى يؤدوها إليهم، على أن لا تهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا ويأكلوا الربا.