الإمام الكبير الحجة الشمس محمد البنوفرى المالكى، وأدرك الناصر اللقانى وأخذ عنه الجم الغفير الذين لا يحصون من أهل مصر والشام والحرمين، منهم البرهان اللقانى والنور الأجهورى والحبر الرملى والشمس البابلى والشيخ سليمان البابلى، وممن لازمه وسمع منه الأمهات الست كملا الشيخ عامر الشبراوى.
وله مؤلفات كثيرة منها «حاشية على مختصر الشيخ خليل» فى الفقه، وهى عزيزة الوجود لقلة اشتهارها وانتشارها و «رسالة فى ليلة النصف من شعبان» وغيرهما، وكانت وفاته فى يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة سنة ست عشرة بعد الألف ودفن بمقبرة المجاورين وبلغ من العمر السبعين، وأرخ بعضهم وفاته بقوله:
مات شيخ الحديث بل كل علم … سالم ذو الكمال أفضل حبر
قلت من غير غاية لبكاء … أرّخوه قد مات عالم مصر
ومن حوادث سنهور هذه-كما فى الجبرتى-أن الدلاتليه تعدوا عليها فى شهر جمادى الأولى سنة عشرين ومائتين وألف، ونهبوها وأخذوا ما فيها من الودائع والأموال وسبوا نساءها، وفى ذاك الوقت كانت الديار المصرية فى غاية الاضطراب، وكان أحمد باشا الوالى بعد عزله وتولية العزيز محمد على باشا مكرنكا بالقلعة، وكانت أهالى البلد وعساكر العزيز محمد على باشا محاصرين عليه، وكان الألفى الكبير محاصرا على دمنهور، والمماليك عاثين فى إقليم الجيزة والأقاليم القبلية، وكثر القتال بينهم وبين العثمانية فى جملة مواضع، مثل حلوان والروضة والجيزة نفسها، وضواحى القاهرة كشبرى وجزيرة بدران ونحوها، وكانت العرب تقتفى آثارهم فى السلب والقتل، والعسكر تتردد على بولاق وتهجم على البيوت وتخرج السكان قهرا وتسكن بها، ويربطون خيولهم بخانات التجار ونحوها، وتعطلت طرق المعاش وازداد بالناس الظلم والشدائد، وكثرت الشكوى ولم يوجد نصير.
وفى يوم الخميس حادى عشر ربيع الثانى وصل قبطان باشا إلى ثغر الإسكندرية وصحبته مراكب كثيرة، ووصل من طرفه سلحداره إلى بولاق ومعه