للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآفاق آخر علماء الشافعية بالديار المصرية؛ شيخ الإسلام زين الدين زكريا بن محمد بن محمد الأنصارى السليكى الشافعى رحمه الله تعالى، وكان مولده فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة ومات يوم الأربعاء ثالث ذى الحجة، وله من العمر مائة سنة واثنتان، وكان رئيسا حشيما فى سعة من المال، وولى قضاء الشافعية فى دولة الأشرف قايتباى، وأقام فيها نحو عشرين سنة، ومات وهو معزول عن القضاء، وقد كف بصره قبل وفاته بمدة طويلة، وحضر مبايعة خمسة من السلاطين، وهم: الناصرى محمد بن قايتباى، وخاله الظاهر قانصوه والأشرف جانبلاط، والعادل طومان باى، والأشرف الغورى، وولى تدريس قبة الإمام الشافعى وولى فى آخر عمره مشيخة مدرسة الجمالية.

وكان بيده عدة تداريس، وألف الكتب الجليلة فى العلوم المفيدة، وأفتى ودرس فى القاهرة نحو ثمانين سنة، وانتفع منه غالب الناس، وخلف ولدا ذكرا من جارية سوداء، فلما بلغ ملك الأمراء وفاته أرسل إليه ثوبا بعلبكيا وخمسين دينارا على يد الأمير جاثم الحمزاوى، وحضر غسله وتكفينه والصلاة عليه، وخرجت جنازته من عند المدرسة السابقية، ومشى فى جنازته قضاة القضاة وأعيان الناس، وصلوا عليه فى سبيل المؤمنين أول ما طلعوا، وكانت جنازته حفلة فلما صلوا عليه توجهوا به إلى مقام الإمام الشافعى ، ودفن عند الشيخ محمد الجيشانى تجاه قبر الإمام الشافعى رحمه الله تعالى، فكان أحق بقول القائل حيث قال:

لقد عظمت رزّيتنا فنبه … لها عمرا وقم جنح الليالى

فلا زالت ذوو الأفهام تلقى … من الأيام أنواع النكال

وكم جنت المنون على رجال … وجندلت الكماة بلا قتال

لقد درست دروس العلم حزنا … وقد ضل الجواب عن السؤال

انظر بقيتها هناك.