بدالى حسين نديم السلطان مراد، وأحد الوزراء الكبار، وأصله من قصبة بيكشهر من ناحية قرمان، رحل فى مبدأ أمره إلى قسطنطينية، وخدم فى حرم السلطنة، وصار بها من طائفة البلطجية، وقدم دمشق فى سنة ثلاث وثلاثين وألف قاصدا الحج وعليه خدمة السقاية فى طريق الحج، ثم ترك بعد ذلك إلى أن صار محافظ مصر. وقدم دمشق فى سنة خمس وأربعين، وتوجه إليها، وكانت أحكامه فيها معتدلة، ثم عزل عنها، وصار إلى دار السلطنة، ولما اجتمع بالسلطان مراد أوصله دفترا بجميع ما حصّله فى مصر من مال وأسباب وأمتعة، وقال له هذا جميع ما أملكه فى دولة الملك، فأنعم عليه وقرّبه، وجعله من أخصائه وندمائه، وصحبه معه فى سفر بغداد، وهو ثالث حاكم بعد فتحها الأخير، ثم ولّى بودين، وولى وزارة البحر، ثم عيّن فى زمن السلطان إبراهيم إلى جزيرة كريت، فسار إليها، وأقام بها سبع عشرة سنة فى محاربة، وفتح أكثر بلادها وقراها، ولم يبق بها إلا قلعة قندية، ثم أرسل إليه ختم الوزارة العظمى، وبقى لوصوله إليه مسافة أربع ساعات فاستردّ، وكانت الوزارة فوّضت إلى غيره، ثم طلب هو إلى تخت السلطنة، ودخل إلى أدرنة بموكب حافل، واجتمع بالسلطان محمد بن إبراهيم، فأقبل عليه، ثم أرسله إلى قسطنطينية، وأمر بوضعه فى المكان المعروف بيدى قلة، وبعد أيام أمر بقتله فقتل، ودفن فى داخل المكان المذكور، وقبره ظاهر ثمة.
ولقتله خبر طويل ملخصه إسناد بعض حسدته إليه التهاون فى أمر قندية، وأنه كان خامر مع الكفار فى محاصرتها، واستفتى مفتى الدولة فى قتله، فامتنع ذهابا منه إلى براءته، فعزل ذلك المفتى وولى مكانه رجلا أفتى بقتله فقتل، وكان قتله سنة اثنتين وسبعين وألف رحمه الله تعالى. (انتهى).
وعلى رأس هذه الحارة على يسار المارّ بالشارع ضريح فوقه زاوية تعرف بزاوية الشيخ خضر الصحابى كانت متهدّمة، فجدّدها حضرة محمد أفندى مناو سنة أربع وتسعين ومائتين وألف، وجعلها علوية، وجدّد تحتها الضريح الذى بها المعروف بالشيخ خضر الصحابى، ويعرف أيضا بزرع النوى. وأنكر ذلك المقريزى وقال: لم يوجد صحابى بهذا الاسم.
وقال غيره: توفى رسول الله ﷺ عن مائة ألف وأربعة عشر ألف صحابى، وكلهم معلومون مضبوطة أسماؤهم فى الكتب، ولم يوجد هذا الاسم فيهم. وقيل:
إن المدفون بهذا الضريح اسمه خضر لا غير، وقال المؤرخون: الصحابة المدفونون بمصر معلومون، وليس هذا منهم. وقيل اسمه خضر السحابى (بالسين المهملة)، نسبة إلى السحاب، لأن بعض العامة يزعم أنه كان يجلس على السحاب. قال المقريزى: وليس هذا بصحيح، وإن كان