للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرمال وأسروا منهم عددا كثيرا غير من مات، وكان الناصر فى قلب جيشه يقاتل، والمعز كذلك، ولم يشعر كل منهما بما وقع لجناح جيشه، وكان أغلب أمراء الناصر لا يحبون نصرته لخوفهم أن يفتك بهم بعد نصرته، فدبروا الخيانة وانحازوا بعساكرهم إلى جيش المعز، فضعفت قوى الناصر، وهجم المعز بعساكره يروم القبض عليه فلم يجده، لأنه لما علم خيانة أمرائه فرّ خفية، ثم هجمت العساكر الشامية وهى عساكر الناصر على المعز، ففر أيضا هاربا إلى جهة الشوبك وهو يعتقد أن الناصر لم يفر، ثم لما سكن روع الناصر رجع إلى عساكره، وكذلك المعز اجتمع بجملة من عساكره، ورجع كل منهما للقتال، وفى أثناء ذلك فارق الناصر أيضا بعض من معه ولحقوا بالمعز، فداخل الناصر الخوف، وضعفت قواه فارتحل راجعا إلى الشام، وأما عساكره الذين تبعوا الهاربين من عساكر المعز، فكانوا مخيمين بالعباسة لاعتقادهم أن النصرة لهم، فلما علموا حقيقة الأمر ارتحلوا إلى الشام، وقد وصل مصر خبر نصرة المعز وانهزام الناصر وقت خروج الناس من صلاة الجمعة، وقد كانوا خطبوا للناصر، وفى رجوع المعز إلى مصر رأى فى طريقه بالعباسة خيام الناصر، فظن أن الناصر قد رجع إلى الحرب فوقع الخوف فى قلبه، وجوز أن يكون الحرب ملتحما بمصر، فعدل عن طريقه إلى طريق العلاقمة ونزل ببلبيس فخافه أيضا أهل خيام الناصر/، ولما جاء الليل ارتحلوا إلى الشام، فلما علم المعز ذلك زال عنه الخوف، ورحل إلى مصر ظافرا ودخلها لاثنى عشر من شهر القعدة، وزينت له مصر والقلعة، وفى أثناء القتال كان جملة من الأمراء مسجونين من مدة الملك الناصر نجم الدين أيوب، فلاعتقادهم أن النصرة للناصر كاعتقاد أهل مصر، خرجوا من السجن وهموا بالإستيلاء على القلعة وعلى بيت المعز، ووافقهم كثير من الأهالى، فلم يمكنهم الأمير سيف الدين القيمازى ومانعهم وردهم عما أرادوا، فلما رجع المعز إلى مصر منصورا قتل جميعهم، ومنهم