للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الشافعى فى حقه: المزنى ناصر مذهبى، وكان إذا فرغ من مسئلة وأودعها مختصره، قام إلى المحراب وصلى ركعتين شكرا لله، وقال أبو العباس أحمد بن سريج: يخرج مختصر المزنى من الدنيا عذراء لم يفتض، وهو أصل الكتب المصنفة فى مذهب الشافعى، وعلى منواله رتبوا ولكلامه فسروا وشرحوا، وكان القاضى (بكار بن قتيبة) حنفى المذهب، يتوقع الاجتماع بالمزنى مدة، فاجتمعا يوما فى صلاة جنازة، فقال القاضى بكار لأحد أصحابه: سل المزنى شيئا حتى أسمع كلامه، فقال له ذلك الشخص: يا أبا إبراهيم، قد جاء فى الأحاديث تحريم النبيذ وجاء تحليله، فلم قدمتم التحريم على التحليل، فقال له: لم يذهب أحد من العلماء إلى أن النبيذ كان حراما فى الجاهلية ثم حلل، ووقع الاتفاق على أنه كان حلالا، فهذا يعضد صحة الأحاديث بالتحريم، فاستحسن ذلك منه، وهذا من الأدلة القاطعة، وكان فى غاية الورع، وبلغ من احتياطه انه كان يشرب فى جميع فصول السنة من كوز نحاس، فقيل له فى ذلك فقال: بلغنى أنهم يستعملون السرجين فى الكيزان والنار لا تطهرها، وقيل: إنه كان إذا فاتته الصلاة فى جماعة صلى منفردا خمسا وعشرين صلاة استدراكا لفضيلة الجماعة، مستندا فى ذلك إلى قوله : «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس/وعشرين درجة»، وكان مجاب الدعوة، وهو الذى تولى غسل الإمام الشافعى، وقيل كان معه (الربيع) وكان أحد الزّهاد فى الدنيا، ومن خير خلق الله ﷿، ومناقبه كثيرة، وتوفى لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين، ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعى بالقرافة الصغرى بسفح المقطم. وذكر (ابن ذولاق) فى تاريخه الصغير: أنه عاش تسعا وثمانين سنة، وصلى عليه (الربيع بن سليمن المؤذن المرادى)، والمزنى بضم الميم وفتح الزاى وبعدها نون، نسبة إلى مزينة بنت كلب وهى قبيلة كبيرة مشهورة، انتهى.