الفاطمية فى سنة سبع وستين وخمسمائة، وكان ينتحل مذهب الإمام الشافعى ﵁ وعقيدة الشيخ (أبى الحسن الأشعرى)﵀، فأبطل من الآذان قول: حى على خير العمل، وصار يؤذن فى سائر أقاليم مصر والشام بآذان أهل مكة، وفيه تربيع التكبير وتربيع الشهادتين، فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك المدارس بديار مصر، وانتشر مذهب أبى حنيفة ﵁ فى مصر، وصار يؤذن فى بعض المدارس التى للحنفية بآذان أهل الكوفة، وتقام الصلاة أيضا على رأيهم، وما عدا ذلك فعلى ما قلنا إلا أنه فى ليلة الجمعة إذا فرغ المؤذنون من التأذين سلموا/على رسول الله ﷺ وهو شئ أحدثه محتسب القاهرة (صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسى) بعد سنة ستين وسبعمائة، فاستمر إلى أن كان فى شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فسمع بعض الفقراء الخلاطين سلام المؤذنين على رسول الله ﷺ فى ليلة جمعة، وقد استحسن ذلك طائفة من إخوانه، فقال لهم: أتحبون أن يكون هذا السلام فى كل آذان، قالوا: نعم، فبات تلك الليلة وأصبح متواجدا يزعم أنه رأى رسول الله ﷺ فى منامه، وأنه أمره أن يذهب إلى المحتسب، ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله ﷺ فى كل أذان، فمضى إلى محتسب القاهرة (نجم الدين محمد الطنبداوى)، وكان شيخا جهولا وأبله مهولا، سئ السيرة فى الحسبة والقضاء، متهافتا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء، لا يحتشم من أخذ البرطيل (١) والرشوة، ولا يراعى فى مؤمن إلا ولا ذمة، قد ضرى على الآثام وتجسد من أكل الحرام، يرى أن العلم إرخاء العذبة ولبس الجبة، ويحسب أن رضا الله سبحانه فى ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة، لم تحمد الناس قط أياديه، ولا شكرت أبدا مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة، أشخص غير مرة إلى مجلس المظالم، وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدى السلطان، من أجل عيوب فوادح حقق فيها