وهى وإن كانت من قديم الزمان عامرة كثيرة المتاجر والأسواق سيما بحلول سيدى (أحمد البدوى) فيها، فإنه هو السبب فى زيادة شهرتها، إلاّ أنها كانت عديمة الانتظام ضيقة الحارات، غير محكمة البناء، فكانت كثيرة العفونات والرطوبات، بسبب عدم تمكن الهواء والشمس من الدخول فى خلالها، فلذا كانت كل سنة تكثر بها الأمراض، ويتراكم فيها الوخم/بعد فراغ الموالد وفى أثنائها، ولما أنعم الله تعالى على هذه الديار بجلوس الجناب الخديوى إسمعيل باشا على تختها، شمل تلك المدينة بعنايته وحفّها برعايته، كما شمل غيرها من بلاد القطر، وأمر بإجراء التنظيمات فيها، بتوسعة الحارات وفتح الشوارع المستقيمة، ورتب لها مهندس تنظيم، وحكيم صحة، وفتحت فيها عدة شوارع وحارات ذات اتساع واعتدال، فتمكنت دواعى الصحة من أزقتها وبيوتها، وحسن حالها وازدادت الرغبة فى سكناها، فسكنها كثير من أهل الوطن والأغراب، من شوام وأروام وفرنساوية وإنكليز، وطليانية ونمساوية ومالطية ويهود، حتى صار عدد أهلها كثيرا، وكثرت فيها أنواع المتاجر، وقد صدر الإذن من طرف الخديوى المذكور لديوان الأوقاف، بتقسيم الفضاء الواقع فى غربيها بجوار ديوان المديرية الجديد على الراغبين، وتحكيره، وعمل لذلك الرسومات اللازمة، وجرت العمائر فيه بالفعل على طبق الأوامر الخديوية، فبنيت هناك أبنية فاخرة وعمائر جليلة، وكان تقسيم ذلك ورسمه وبيان كيفية الإجراء على يدنا وبمعرفتنا مدة نظارتنا على الأوقاف المصرية، ولا شك أن ذلك يزيد فى بهجة المدينة، وعماريتها وكثرة سكانها، وقد بلغ محيطها الآن نحو مائة وثمانين فدانا، واحتوت على عدة قيساريات فى وسطها، وجميع جهاتها بحوانيت وخانات وفنادق، وكلها مشحونة بالمتاجر والبضائع الخارجية والداخلية، من كل ما يرد على القطر أو ينتج منه، وبالصنائع والحرف التى لا تقف عند حد، وعلى عدة وابورات وبساتين، وسواق وأسواق، وأضرحة لكثير