ذلك فى اليوم والليلة على وقت محدود، فكان ربما عقد الدرس للتلامذة بعد العشاء أو عند ثلث الليل الأخير، ومكث نحو ثلاث أو أربع ساعات على قدميه فى درس اللغة أو فنون الإدارة والشرائع الإسلامية والقوانين الأجنبية، وله فى الأولى مجاميع لم تطبع، وكذلك كان دأبه معهم فى تدريس كتب فنون الأدب العالية، بحيث أمسى جميعهم فى الإنشاآت نظما ونثرا أطروفة مصرهم، وتحفة عصرهم، ومع ذلك كان هو بشخصه لا يفتر عن الاشتغال بالترجمة/أو التأليف، وكانت مجامع الامتحانات لا تزهو إلا به.
وقد ذكر العالم الفاضل المرحوم السيد بك صالح مجدى أحد تلامذته فى ترجمة أحواله التى سماها «حلية الزمن بسيرة خادم الوطن» نسبه الحسينى الشريف، وذكر كثيرا من أحواله وعدد تلامذته، وقسمهم إلى ثلاث طبقات كانوا جمال العصر وغرة الدهر فضلا ونبلا. فمن شاء فليراجع أسماءهم هناك، وقد أمضى مدة حياته إلى آخر مدة المرحوم سعيد باشا فى سبيل التعليم إدارة وعملا، هو وتلامذته، ثم من بعد تلك المدة واقتصاره على نظارة قلم الترجمة، وعضوية قومسيون المعارف فى عهد حضرة الخديو اسمعيل باشا، قام فى كثير من المدارس بهذه الخطة عينها، وله فى المرحوم محمد على ونجله الأكبر إبراهيم باشا المدائح التى سارت بها الركبان منها قصيدته اللامية التى مطلعها:
ملأ الكون بشرا عدله واعتداله … وأغنى البرايا بره ونواله
وهى التى يقول فيها تلويحا ببلد الممدوح:
منازل منها اسكندر فاتح الورى … إذا لم يكن عمّ الأمير فخاله