ابن عبد السلام وغيره، وبرع فى العلوم وتقدم فى الفنون، ومهر فى الأدب والكتابة، وولى كتابة السر بمدينة فاس، ثم دخل القاهرة فولى مشيخة البيبرسية وقضاء المالكية، وصنف:(التاريخ الكبير)، ومات فى رمضان سنة ٨٠٨ ثمان وثمانمائة، قاله فى «حسن المحاضرة» ويقال إنه كان قاضى حلب وقت أن استولى عليها تيمور لنك، ووقع من ضمن الأسراء فعرفه ولاذ به وأخذه معه إلى سمرقند.
وحكى له يوما أنه ألف تاريخا تكلم فيه على جميع الوقعات وتركه فى مصر، ويخاف وقوعه فى يد السلطان برقوق، فقال له تيمور لنك:
«وكيف السبيل إلى الإتيان بهذا الكتاب»، فقال:«تأذن لى أن أسافر إلى مصر وأحضر به»، فأذن له، ولعل هذا الكتاب هو المعنون بكتاب:
«العبر وديوان المبتدأ والخبر فى أيام العرب والعجم والبربر».
وفى:(المنهل الصافى)، لأبى المحاسن أن ابن خلدون ولد بتونس فى مبدأ شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وتعلم بها، وتوفى والده فى طاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة هجرية، فدخل فى خدمة أمير تونس أبى إسحق إبراهيم بن السلطان أبى بكر الخامس من بنى حفص، ثم فارق تونس سنة أربع وثمانين، وأقام بالقاهرة من بلاد مصر، وعينه السلطان برقوق قاضى القضاة المالكية سنة ست وثمانين، وعزل عنها بسبب تعصب الأمراء عليه سنة سبع وثمانين، ثم أعيد لها بعد موت برقوق سنة ثمانمائة وواحد، ثم عزل عنها أيضا وسافر إلى الشام مع السلطان فرج الملك الناصر، وأخذ أسيرا فى أخذ تيمورلنك دمشق، ثم أطلق مع من أطلق ورجع إلى مصر، وتعين بها مرة ثالثة قاضى القضاة سنة ثلاث وثمانمائة، ثم عزل وعاد إليها مرارا، ثم مات/سنة ثمان وثمانمائة يوم الأربعاء الخامس والعشرين من رمضان، وله من العمر أربع وسبعون سنة وخمسة وعشرون يوما، انتهى.