البيت الأول سبكه من الحديث، وهو ما أخرجه الطبرانى عن ابن مسعود: «اتركوا الترك ما تركوكم، فإن أول من يسلب أمتى ملكهم، وما خولهم الله بنو قنطوراء، وبنو قنطوراء الترك، وهى جارية لإبراهيم ﵇، من نسلها الترك. ثم لما مات أستاذه المذكور ولى بعد وفاته قضاء القدس، وكان من الأدب والبلاغة والشعر وصحة التخيل، والانطباع فى الذروة العليا، وكان عارفا بكثير من الفنون، كثير الاطلاع، وجمع مدائح أستاذه هذا التى مدح بها فى بلاد العرب أيام قضائه بحلب ودمشق ومصر، والتزم أن يذكر الشاعر عند إيراد شئ من شعره، ولا يزيد على توصيفه بكلمة أو كلمتين، واعتذر عن إطالة التراجم بقوله فى أوله: وكنت أردت أن أترجم كل شاعر منهم عند إيرادى شعره، وأتكلم فى حقه هناك بما عساه أن لا يتعدى به طوره، بل يوقفه عند قدره، وذلك بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، وحيثما تثبت دعوى فضله عند حاكم العقل من شهود المقال، فاخترت وقتا بعد جمع هذه القصائد، حررت فيه الطالع والغارب، وضبطت غب اطلاعى على/الفرائد منها والفوائد مقامات الجوزهرات ومقدمات الكواكب، ثم نظرت نظرة فى النجوم، واستخرجت المجهول منها من المعلوم، فظهر أنه لا شئ أدل من شعر المرء على عقله، ولا أصدق من ذلك الطل على وبله، كما قيل:
وإنما الشعر لب المرء يعرضه … على الأنام فإن كيسا وإن حمقا
فاكتفيت فى الدلالة على فضائله بذلك المقدار، وناهيك منه بدلالة النور على النار، والشمس على النهار. انتهى.
ومما أورد فى كتابه المذكور من أشعاره الغضة الشهية قوله من قصيدة مطلعها: