وبنى لوالده المقام والمسجد، ورتب له فى ليلة الجمعة والسبت مقرأة عظيمة، يحضرها كثير من أهل العلم والقرآن، وجعل به خزانة كتب من جميع العلوم الشهيرة؛ من تفسير وحديث وفقه ولغة ونحو وصرف، ومنطق وتوحيد وأصول وتصوف وغير ذلك، وصار يحث الناس على تعليم أولادهم القرآن والعلم، ويعينهم على ذلك، حتى كثر أهل العلم والقرآن بتلك النواحى بسببه، وكان له فى كل يوم وليلة ميعادان لقراءة العلم، من: تفسير وحديث وتصوف وغيرها، لا يترك ذلك سفرا ولا حضرا، مع الاشتغال بالإرشاد وقرى الوارد، وكان يجل الكبير والصغير، خصوصا أهل العلم والقرآن، ولا يذكر أحدا بسوء، ولا يقابل شخصا بمكروه إلا إذا وقع منه المكروه، وكان يربى اليتامى والمساكين والأرامل، ويتودد إليهم، وكراماته أشهر من أن تذكر.
وله من التآليف كتاب: / «مجموع الفتاوى» يشتمل على أجوبة المسائل التى سئل عنها على مذهب الإمام الشافعى، ورسائل فى الانتصار لأهل الطريق فى أمور أنكرت عليهم، وكتاب فى أشياء من غوامض الطريق، توفى ﵁ ليلة الجمعة لسبع وعشرين من المحرم سنة سبع وثمانين ومائتين وألف، وعمره ثمان وخمسون سنة تقريبا، ودفن بجوار والده داخل المقام، وجعل على ضريحه مقصورة حسنة، وله مع والده كل عام مولد حافل يعمل فى نصف ربيع الثانى، ويستمر إلى أوائل جمادى الأولى، تسعى إليه الناس من أقصى الصعيد وأقصى البحيرة، ما بين زوار وتجار، وتروج فيه بضائع كثيرة، وتظهر فيه نفحات كبيرة، وتنصب به خيام شتى للأعيان وملاعب للفرسان، وجمع لأهل الزوايا وغيرهم من أرباب المزايا.
وقد أعقب من الذكور ولدين، وهما: الشيخ محمد والشيخ أحمد، نشآ بالقايات، فحفظا القرآن، ثم نقلهما والدهما إلى الأزهر تحت نظر