وبنى أيضا جامع راشد بمصر، وهدم كنيسة لليهود، كانت بجوار باب زويلة القديم من داخل، وبنى موضعها مسجدا كان يعرف بمسجد ابن البناء كما فى الخطط، وهو الزاوية المعروفة الآن بزاوية سام بن نوح فى العقادين.
وجدّد دار العلم القديمة، التى كانت تجاه الجامع الأقمر، وكان يسلك إليها من قبو الخرنفش، ونقل إليها الكتب، وأباح للناس الدخول فيها للمطالعة والنقل منها، وأعدّ لهم الورق والمداد والأقلام.
وبنى أيضا خارج القاهرة الباب الجديد على شاطئ بركة الفيل عند رأس المنجبية، وهى حارة الدالى حسين من خط المغربلين، ثم حدثت حارتا الهلالية واليانسية الموجودتان إلى الآن.
وبنى أيضا بجزيرة الروضة جامع غين، وبنى غلامه ملوخيا داره التى محلها درب ملوخيا، المشهور الآن بدرب القزازين من خط أم الغلام.
وإلى ذاك الحين كانت الجهة الشرقية من القاهرة فضاء لا بناء فيه إلى الجبل، وكانت السيول عند اشتدادها تدخل القاهرة، فأمر الحاكم بوضع كيمان خلف سور البرقية، فصارت التلال الشاهقة التى نراها الآن، وعليها بعض طواحين الهواء، خلف حارة الدراسة بين القاهرة ومقبرة المجاورين، فلما ضرب الدهر ضرباته ألقى جهركس الخليلى على هذه التلال عظام الفاطميين لما نبش قبورهم كما أمر.
وبنى الحاكم أيضا غير ما ذكرنا من العمارات، وحذا حذوه الأمراء وغيرهم من الناس، فكثرت فى زمنه المبانى داخل البلد وخارجها، وكثرت إنعاماته، فتوقف فى إمضائها أمين الأمناء حسين بن طاهر الوزان، فكتب إليه الحاكم بخطه:«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، كما هو أهله:
أصبحت لا أرجو، ولا أتقى … إلا إلهى، وله الفضل
جدى نبى، وإمامى أبى … ودينى التوحيد والعدل
المال مال الله، والخلق عيال الله، ونحن أمناؤه فى الأرض. أطلق أرزاق الناس ولا تقطعها والسلام».
إلا أنه بسبب ما كان اعتراه من خلل العقل الذى انتهى به إلى دعوى الألوهية لم يكن يثبت على أمر، بل كان ما يبنيه فى اليوم يهدمه فى الغد، وكثر فى أيامه الاضطراب والخلل فى المصالح العمومية.